كيف تطلب المساعدة ؟
كم من مرة قلت لصديق أو قريب بحاجة للمساعدة : « أعلمني إن كـان بإمكاني فعل أي شيء لمسـاعـدتـك » وعندما لا يطلب منك شيئا تخفق في متابعة الأمر ؟
في الواقع لـم أعـد أذكـر عـدد المرات التي فـعـلـت فـيـهـا ذلك بالضبط ، وأقصد بذلك إخفاقي في متابعة الأمر حين لا أسمع رداً من شخص بحاجة للمساعدة ، على الرغم من أنني كنت سأكـون سـعـيـدة لو قدمت المساعدة بأي طريقة ممكنة . ومع ذلك ، بالرغم من وجود هذا النمط في سلوكي الشخصي فـإنني عندمـا أصـبت بمرض مـزمـن لـم أعـاود الاتصال بالأشخاص الذين عرضوا عليّ المساعدة ، وقـد قررت أن إخفاقهم في متابعة أمري ناجم عن أن عروضهم لم تكن صادقة إلا أنني تعلمت أن الأمـر مـعـاكـس لـهـذا عن طريق الصدفة تماماً ؛ إذ جاءت إحدى الصديقات لزيارتي وأرتني ثوباً مذهلاً يدوي الصنع اشترته لحفيدتها من متجر محلي ، وعندما أخـبـرتـهـا كم أحببت الفستان ، سألتني إن كنت أرغب في الحصول على واحد لحفيدتي . أجبتها : بالطبع ! وقبل أن أتمكن مـن قـول « لكنني غـيـر قـادرة على الذهاب للتسوق » كانت قد خرجت من الباب . وما لبثت أن عادت بعد وقت قصير ومعهـا مقـاسين مختلفين من الفستان لأختار بينهما . اخترت واحداً وكتبت لها شيكا بثمنه وحين غادرت لتعود إلى منزلها أخذت معها الفستان الذي لا أريده لترجعه ، هذا ما جعلها تزور المتجر نفسه ثلاث مرات في ذلك اليوم.
عندما مرضت ، هل كانت هي واحدة من الأشخاص الذيـن قـالـوا : « أعلمـيني إن كـان بإمكاني فعل أي شيء لمساعدتك ؟ » ، نعم ، لكني لم أطلب منها أبدأ القيام بأي شيء . غير أني في ذلك اليـوم ، رأيت على وجـهـهـا أن الذهاب لجلب ذلك الثوب كان بمثابة هدية مني لها . إليكم ما تعلمته عن الأشخاص الذين يعرضون المساعدة :
١. إنهم صادقون في عرضهم ، إنهم يعنونه .
۲ . تقع مسؤولية متابعة الأمر على عاتقي وليس على عاتقهم.
٣ . إن أفضل طريقة لتقبل عرضهم هي إعطاؤهم مهمة محددة للقيام بها .
۱ و ۲ يـتـوافـقـان مع تجربتي الخاصة عندما كنت في وضع تقديم المسـاعـدة للآخرين : حيث كنت أعني حقاً المسـاعـدة لكن نادراً ما تابعت الأمـر ، بسبب انشـغـالـي أحياناً ، وأحياناً أخرى لأنني كنت أفكر بأني قد أزعجهم . أما بالنسبة للرقم ٣ فيجب تذكر أن الأصدقاء والأقارب ليسوا بقارئي عقول ؛ علينا أن نخبرهم بما يجب فعله ، وقد تعلمت ذلك من « حادثة الفستان » مع صديقتي وكل ما كان الطلب أكثر تحديداً ، كان ذلك أفضل . « هل يمكنك المسـاعـدة في الغسيل كل أسـبـوعين ؟ » من المرجح أن تكون هذه الجملة ناجحة كطلب أكثر من الجملة التالية : « هل يمكنك المساعدة في غسيل الملابس أحياناً ؟ » رغم أنه من المرجح أن يجيب صـديـقك أو قـريـبك « بنعم » لكلا الطلبين ، لكن من المرجح أن يكـون اسـتـخـدام كلمـة وأحياناً » في الطلب الثاني بمثابة « تجهيز » لنقص المتابعة الذي سيعتبر عن طريق الخطأ على أنه قلة مصداقية من جانبهم.
لا يرغب كثير منا في طلب المساعدة ، ربما لأنهم علمونا أن هذا عـلامـة على الضـعف ، لذلك نتعلق بفكرة : « بإمكاني أن أفعل كل شيء بمفـردي » حتى وإن لـم يعـد الأمر كذلك أقـتـرح عليك التـدرب على طلب المسـاعـدة . فكر في هذا على أنه تجربة :
١. ضع قائمة بما تحتاج مـسـاعـدة فـيـه : قضاء حاجات معينة ، الغسيل ، بعض الطبخات ، تمشـيـة الكلب ، تـغيـيـر المصباح الكهربائي ، وربما حتى كتف لتبكي عليها!
۲ . اكـتـب أسـمـاء الأصـدقـاء والأقارب الذي عـرضـوا المساعدة ، حتى لو كان عرضهم قد مضى عليه فترة طويلة.
٣ . صل أسـمـاء الأشـخـاص مع المهـمـات التي توافق اهتماماتهم وقوتهم ومرونة وقتهم بالإضافة إلى مستوى راحتك معهم آخذا بعين الاعتبار مستوى الخصوصية للمهمة المحددة ، فقد تستمتع جارتك الشابة بالطبخ لك مرة في الأسبوع.
٤. اختر شيئاً واحداً من القائمة واتصل بالشخص الذي اخـتـرتـه للـمـهـمـة . كن مـبـاشـراً بطلبك ، لذا بدلاً قول : « لو كنت أعـرف فـقـط شـخـصاً يمكنه أخذ هذا المعطف إلى التنظيف » ، أسـأل مـبـاشـرة : « هل يمكنك أخـذ هذا المعطف إلى التنظيف ؟ لست على مـا يـرام لأخرج من المنزل . » من المرجح أن يشـعـر الشـخص الذي اتصلت به أو راسلته عبر البريد الالكتروني بالسعادة لتمكنه أخيراً من المسـاعـدة . إن لم تنجح ، استجمع شـجـاعـتك للمحاولة مجدداً . قـد تـعـتـقـد أنك تلقي عبئاً على الشخص الذي اتصلت به ، لكن في المقابل إن فعلت الشيء نفسه لذلك الشخص ، فلن تعتبره عبئا...لذا انطلق!
من كتاب ٤٤ مذهل
بقلم : توني بيرنهارد . ج .د