فن الإصغاء
الإصغاء فن يتوجب على المرء العمل على تطويره ، وهو يعني فهم الآخر والتعلم منه ، وفي الواقع لا يكلفك البدء بالإصغاء شيئاً ، وسيجعلك تتعلم من كل شخص أمراً .
يريد الجميع في هذا العالم أن يتكلمـوا لـكـن قلة فقط هم مستمعون جيدون ، وأولئك الذين يصغون محاطون دائماً بالأصدقاء ، فالناس يريدون مستمعاً جيداً وليس متحدثاً بارعاً ، لأن كل شخص يعتبر بحد ذاته متحدثاً بارعاً.
لكل شخص قصته وأحزانه التي يريد مشاركتها لكن المشكلة لا أحـد يصـغي ، لذا دعـونـا نـصـبـح مـسـتـمـعين جيدين ، نُصغي من القلب لا من الأذنين ؛ لأننا بالإصغاء نتعلم الكثير ، فكل قصة تحمل معها عبرة ، وعادة الإصغاء تعزز من التركيز .
فن الإصغاء شيء رائع في هذا العالم ، ويمكنك تطويره بالإصغاء فقط . أصغ إلى كل فرد وإلى كل شيء ، فلكل شيء لـغـتـه الخـاصـة ، أصغ إلى صـوت هبوب الريح ، إلى صوت تغريد العصافير . أصغ دون مقاطعة ، وأصغ بتعاطف .
أي فرق سيحدث إن أصغينا للجميع بعناية ، وإن شاركنا الآخر أحزانه ! لماذا لا ينجح الزواج في أيامنا هذه ؟ لماذا يحـدث الطلاق ؟ يعود هذا إلى قلة الإصغاء ، فالناس لا يصغون إلى بعضهم بعضاً ؛ ذلك أنهم لا يستطيعون فهم الآخر ؛ بينما الإصغاء أمر بمنتهى الأهمية في كل العلاقات ويتوجب على كل شخص تعلمه .
أصغ إلى نفسك وأفكارك وأفعالك ، فالإصغاء لذواتنا يـخـبـرنا أي نوع من الأشـخـاص نحن . من المهم أن نفهم أنفسنا أولا أن نفهم قدراتنا ونقاط ضعفنا ومكامن قوتنا . . . ومن ثم يأتي فهم الآخر ، ويمكنك فقط أن تفهم من خلال الإصغاء . . لا تصغ إلى ما يقال ؛ بل إلى ما يحاول الآخـر قـوله ؛ فهنالك رسالة تكمن وراء كل حديث . كل شيء يكشف عن أمر لا نعرفه ؛ لذا ابدأ بالتدرب على الإصغاء . فـالريح تخـبـرنـا أمـراً ، والشمس تسر لنا بشيء ، والأشـجـار تـتـحـدث ، كذلك الحال مع الـقـمـر والنجوم . . . حتى جدران المنزل حين تبدو بائسة فهي أيضاً تبوح بحاجتها إلى طلاء أبيض يكسوها . الجميع يتكلمون ، أصغ ثم أصغ إليهم جميعاً . فكلما أصغيت أكثر ، أصبحت أكثر ذكاء .
من كتاب ٤٤ مذهل
بقلم : سونیا کور