anyquizi logo

عن الحب والغيرة العبيطة

عن الحب والغيرة العبيطة

عن الحب والغيرة العبيطة


لم يثبت التاريخ أيهما يغير على الآخر أكثر .. الرجل أم المرأة .. وإن كان من الثابت أن ( آدم ) لم يتشاجر مع ( حواء ) في عنان السماء بسبب انه يغير عليها من ورقة التوت التي تسترها ويريدها أن تستبدلها بورقة كرنب !!

ومن الثابت أيضا أن ( حواء ) كانت ( كمل ) فلم ( تردح ) لـ ( آدم ) او تستعرض له غسيلها إياه ، وبالتالي فإنها كانت من العقل بحيث أننا لم نسمع أنها ربطت ( آدم ) في إحدى شجرات الزقوم غيرة عليه من إحدى الحوريات التي كانت تنظر له ( من تحت لتحت ) .. والغيرة ليست عيب يا حضرة العاشق العصري والدليل أنك تكره المرأة التي لا تغير عليك وتتمنى لو أنها ذات مرة اتهمتك بأنك تفضل عليها قراءة الجريدة في دورة المياه ، ولكن في عصرنا هذا اختلفت درجة الغيرة فتحولت إلى بقايا ورذاذ على جانب غيرة نساء الماضي ..

هل تستطيع مثلاً أن تقسم أن حبيبتك تغير عليك من ( الهوا الطاير ) مثلما يقسم أباؤنا ان امهاتنا كن كذلك ( لاحظ كن هذه ) ..

بالتأكيد لن تستطيع أن تقسم .. خاصة إذا كان شعرك مدعاة للتفاخر مثل صديقي ( توتى ) مع ان شعره لم يكن كذلك أبدا من قبل ، ولكن للعلاج الكيماوي معجزاته ( ذبل الحمام على ما اعتقد ) !! وهكذا لن تغير عليه حبيبته - شبيهة ( أحدب نوتردام ) - ابدا من ( الهوا الطاير ) بل ستفرح لأن شعره ( يهفهف ) مع هذا ( الهوا ) بعكس خطيب اختها الذي يصاب بالبرد والإسهال نتيجة لهذا ( الهوا ) حيث أن جنابه مصاب بالصلع الأبدي !!

والغيرة قد تكون صحية مثلها مثل باقي الأدوات الصحية .. وقد تكون مرض عضال ينتهي بدفنك في اقذر محل لبيع تلك الأدوات !!

ولتحذر يا صديقي ( سرطان الغيرة ) الذي قد يمتد إلى خطيبتك فجأة ، فسوف تجدها هكذا وبدون سابق إنذار تغير عليك من القطة التي تشاركك مسكنك .. والسبب - كما ترى خطيبتك - ان نظرات القطة لك فيها إعجاب ورغبة !!

وكأي غر ساذج تنام أنت ليلتك وفي بطنك ( كوز بطاطا ) فرحا بتلك الغيرة ، إلا أنك - ويا لغباءك - لا تتوقع ما سيحدث في اليوم التالي ..

فجأة .. زيارة من حماتك - باعتبار ما سيكون - وخطيبتك . باعتبار أن حظك يرتدي ثياب الحداد - ومعهما ( زكي آخر نفس ) عميد الدجالين في الألفية الثالثة ، و الذي أقنعهما اللقيط- بان هذه القطة من الجان .. وبأنها معجبة بك وبركبتيك المعصعصتين اللتان يندر وجودهما في عالم الإنس والجان على حد ويا لحظك سواء ..

وهكذا تتحول حياتك إلى جحيم .. خاصة مع المشاجرات اليومية التي ستحدث بعد ذلك .. - " " إنت إلى طمعت القطة بنت الجنية دي فيك " ثم تكبر الغيرة وتتحول لشك " إنت منظرك غويتها يا سهن يا العبان " ..

ولا تستطيع أن تثبت لها براءتك ولا حسن نيتك إلا بعد أن تتغير الظروف المحيطة .. فتموت القطة في حادثة مؤلمة ، إذ جلست عليها حماتك ( 2 طن تقريبا ) عن قصد وعمد ومع سبق الإصرار والترصد لتنهي أي قصة حب مفترض أنها موجودة بينك وبين المرحومة قطة !!

ويخبرنا التاريخ بقصص مشابهة عن جرثومة الغيرة العنيدة .. فتلك الأميرة ( ولادة بنت المستكفي ) التي أحبت الوزير ( ابن زيدون ) واصيبت - ياعين أمها - بسرطان الغيرة فقالت فيه – ( ابن زيدون ) لا السرطان : " اغار عليك من نفسي ومن عيني ومنك ومن زمانك والمكان و لـوانـي خبـاتـك في عيـونـي إلى يوم القيامة ما كفاني "

يا نهار إسود ومنيل عليك وعلى سنينك يا ( ابن زيدون ) .

إن معنى البيتين لواضح ولا يحتاج إلى تعليق ..

فهي تخبره ( بجنتله ) أنها تغير عليه من كل أنواع الغيرة .. يعني من الآخر ( يروح يموت احسن ) والحمد لله الذي لم يهد ( ولاده ) في حينها إلى تركيبة حامض الكبريتيك المركز و الذي نطلق عليه ( مية النار ) وإلا مات عمنا ( ابن زيدون ) مشوه لمجرد ان تراه ( ولاده ) يتبادل حديثا مع إحدى الجواري !!!

ولكن المدهش هو أننا لا نعرف بدقة ماذا فعلت ( ولاده ) في حياتها وهي تحمل كل هذه الغيرة : " من نفسي " ..

هل نستنتج إذن أن ( ولاده ) ماتت منتحرة وقتلت نفسها غيرة على ( ابن زيدون ) منها .. أبدا .. لقد أكد التاريخ أنها ماتت موتة ربنا .. " ومن عيني " .. بالتأكيد لم تكن لتقدم على تلك الخطوة .. فتفقأ عينيها لأنها تغير على ( ابن زيدون ) منهما ..

وإلا كان تركها ( ابن زيدون ) وهو يرد عليها عندما تقول له ( احبك ) بقوله : الله يسهلك .. ومنك " ..

يمكننا أن نؤكد أن ( ابن زيدون ) لم يكن نزيل ( الخانكة ) ولو ليوم واحد لأن ( ولاده ) امسكته ذات مرة وهاتك يـا رفع وضرب بقبقابها وبباقي المعدات الحربية ..
ـ فيه إيه يا ( ولاده ) ؟ .
بحبك ( وهى بتضربه ) !!
- طب وبتضربيني ليه منك لله ؟ .
لازم يموت .. أنا بغير منه عليك .
- هو مين ده الله يحرقك ؟ ـ
إنت يا حبيبي !!!

ونؤكد أن ( ابن زيدون ) لابد وأن يكون حمد الله وباس ايده ( وش وظهر ) لعدم وجود السواطير متلازمة الأكياس النايلون في هذا العصر !!!

" ومن زمانك " .. تقودنا تلك الغيرة إلى كشف علمي عظيم وهو أن ( أينشتين ) استلهم النظرية النسبية التي نال عنها ( نوبل ) مرتين بفضل ( ولادة ) .. فهي الوحيدة - من فرط غيرتها - التي استطاعت التعامل مع الزمن كما تعاملت من قبل مع " عينيها " و " نفسها " و " هو " الذي يمشي داخله !!! " والمكان " .. هنا تكتمل المصيبة .. فإذا كانت تغير عليه من المكان فأين يذهب ( ابن المسكينة ) .. أقصد ( ابن زيدون ) الحل الوحيد الذي قد يتبادر إلى ذهنها - خاصة إذا كانت من نساء هذا العصر ، هو أن تخنقه وتطلع روحه فتظل روحه هائمة في عالم الأرواح لا تعرف مكان يحويها ، فكل الأماكن ترفضها خوفا من بطش ( ولاده فرانکشتاین ) !!!

ولكن السؤال الوجيه الآن أيها العاشق العصري هو : إذا كانت نساء الماضي تغير كل هذه الغيرة .. بل إن ( ولاده ) هذه كانت أميرة ، فكيف الحال الآن ؟ شخصيا .. اعرف صديق له أغرب حكاية سايكوباتية مرضية للغيرة .. فقد تزوج بعد فترة خطوبة قصيرة ( أقصر من جيبة كونداليزا رايس ) ثم فوجئ بما لا تحمد عقباه ..

ذات مرة طلب منها كوب ماء .. وكأي زوجة مطيعة منقرضة احضرت له كوب الماء ولم يكد يمسك بالكوب حتى انفجرت هي في وجهه :
ـ ايه يا أستاذ .. إنت ما عندكش شعور ! .
فيه إيه يا حبيبتي .. مالك ؟! .
دي مسکه تمسكها للكباية ؟!
نظر صديقي ليده الممكسة بالكوب ، فإذا هي مسكة عادية وليست مسكة مخبرين أو أمناء شرطة ، قبل ان تكمل هي : إزاى تمسك الكباية بصوابعك كلها ؟
- يعني إيه . . إنت حتساوى الكباية بايدي ؟!

لم يفهم صديقي ما تريد زوجته إلا بعد أن حذرته من أنه يجب أن يمسك الكوب بإصبعين فقط لا غير .. أما استخدامه لأنامله الخمسة كاملة فهو استخدام خاص مقصور على الطعام ويدها هي فقط وتعجب صديقي .. وضحك ، وفرح في قرارة نفسه بزوجته ذات الغيرة الأسطورية ، دون أن يدرك أن القدر يخبئ له خازوقا كبيرا ..

فذات يوم وبينما يغط في نوم القيلولة العميق عادت هي من مشوار طياري لتفاجأ به يحتضنها .. . " اصحى يا منيل .. اصحى يا دون .. يا خسارة حبي ليك "

وكأي فار مذعور في حرب حامية الوطيس مع جيش القطط المغوار استيقظ من نومه لتكمل هي وصلتها الرائعة : " في بيتي .. وعلى سريري .. وف نفس المكان اللي بنام عليه ؟!

" نظر حوله في ذعر ليبحث عن أي معشوقة أو غانية أو حتى دجاجة عذراء لم يمسسها ديك من قبل فلم يجد . .

" تفضلها علي .. تحضن المخدة وإنت اللي عمرك ما حضنتني إلا ليلة الدخلة " .

تذكر ليلة الدخلة والحضن الذي كان من باب الواجب وحفظ الجنس البشري من الانقراض .. وقبل أن يتذكر باقي الليلة المشؤومة فوجئ بعينيها تتحول إلى شرر وهي تقول له :
" انت اللي جنيت على نفسك .. روح يا جوزي وانت خا ... قفز من فراشه وهو يقاطعها مذعورا ..

" لا .. ما تقوليهاش الله يسترك "

لم تستمع إلى توسلاته .. بل حسمت أمرها وقالت في حزم مخابراتي : ـ " إنت خالع وبالثلاثة " !!

مسكين صديقى هذا ، أليس كذلك ؟! لاحظ أنك قد تكون في موضعه ، خاصة إذا كنت تمتلك زوجة عظيمة ، تغار عليك مثل غيرة صاحبتنا إياها .. ولكن أمام تلك الغيرة كيف تتصرف ؟!

الحل بسيط تماما ، مثلما نصحوا ( إسماعيل ياسين ) في أحد الأفلام .. خليك بارد .. لبي لها كل طلباتها .. ولا تشعرها انك تغير عليها ، لأن غيرتها تلك نوع من الانتقام لما تفعله غيرتك بها .. خاصة إذا كنت وغد ومعقد نفسيا مثل ذلك السادي في فيلم " سبعة " .

أما عن غيرتك عليها .. فتذكر .. خليك بارد .. وتذكر أيضا ما قلناه منذ صفحات عديدة .. أنت حيوان .. أي نعم حيوان عاشق ، ولكنك في النهاية .. حيوان .. وها ما أدركه ( عاطف ) . فقد كان يغير على زوجته غيرة عمياء إلى أن خلعته ، فتزوج غيرها وهو حذر .. حريص على إرضائها .. وحدثت المفاجاة مع زوجته الثانية .. أحد المخرجين رآها وعرض عليها بطولة في السينما ..

ولضيق ذات اليد ( واليد الأخرى أيضا ) وافق على عملها في السينما ، وبمجرد دخوله وانغماسه ( كتابع مخلص أمين ) لزوجته المصونة والجوهرة المكنونة في الوسط السينمائي ، تعلم أن زوجته لا تستحق أن يغير عليها .. فمن هذا الحمار ( بخلافه طبعا ) الذي سيرضى بأن تقع عينيه على زوجته .. بل ومن الأحمق ( بخلافه أيضا ) الذي سيرتبط بنجمة سينما اسمها الحقيقي ( كيداهم ) ..

صحيح أن المشاهد الساخنة التي تؤديها ( كيداهم ) كثيرة .. إلا أنه يدرك تماما أن من يقوم بالمشهد أمامها هو المجني عليه وأن زوجته هي الجاني .. وهكذا يخبرنا ( عاطف ) بأنه استطاع اقتلاع غيرته عليها ، وصار يلبي لها كل رغباتها ، وبالتالي قتل ( سرطان ) غيرتها عليه ..

ويمكنك ان ترى ( عاطف ) وهو يقف في الكواليس يتابع المشهد السخن إياه ، وهو عبارة عن قبلة ساخنة لـ ( كيداهم ) من بطل الفيلم و .. " ستوب .. Stop " يقولها المخرج .. وعلى الرغم من ذلك تستمر القبلة الساخنة دقيقة .. دقيقتان .. ثلاثة دقائق .. الكل يستعد للمشهد التالي عدا البطل و ( كيداهم ) ، اللذين اندمجا في المشهد السابق ، و ( عاطف ) يتابع بشغف .. عشرة دقائق .. نصف ساعة .. ساعة .. المشهد لا يزال مستمرا ، رغم أن ( عاطف ) خرج وشرب سيجارتين ثم ذهب إلى الحمام ..

ويروي البعض أنه ربما يكون قد مل الانتظار فذهب إلى منزله ينال قسطا من النوم لحين انتهاء المشهد .. وهكذا لم يعاني ( عاطف ) من الغيرة على الإطلاق .. فلم يكن اسمه ( ابن زيدون ) ولم تكن ( كيداهم ) ( ولاده ) ويحكى أنهما ـ عاطف وكيداهم . عاشا في تبات ونبات ، وإن كانا لم يخلفا لا صبيان ولا بنات ، لسبب مجهول حتى الآن ..

أرأيت .. أنت أيضا لابد وأنك تحسد ( عاطف ) على العموم .. لو أنك تعانى من الغيرة ، فيمكنك أن تتبع نفس طريقة ( عاطف ) ، وستجد نفسك حينئذ البشري الوحيد الذي يفخر بأنه نبتت له قرون استشعار !!

كلمة اخيرة : مع الحب الحقيقي تكون الثقة أقوى من الغيرة .. وإني لأسمع الآن صوت من الماضي يهتف : " فلتسقط الغيرة العبيطة " . اعتقد أنه كان صوت ( ابن زيدون ) .. وآخرون .. وآخرون ..

كتبه محمد فتحي
من كتاب ٧ وجوه للحب


عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر
تابعنا على الفيسبوك تابعنا على تلغرام

إختبارات قد تعجبك