anyquizi logo

طاقات الطريق الى القمة

طاقات الطريق الى القمة

طاقات الطريق الى القمة


إن الطريق إلى القمة يستلزم معرفة أنواع الطاقات ، والتـي تتمثل فيما يلي :

الطاقة الحركية :

الحركة هي التي تميز بين الميت والحي .
وهي الطاقة التي تميز الإنسان عـن الجـماد والنبات حيـث يتمكن الإنسان من الحركة بينما لا يستطيع الجماد والنبات القيـام بالحركة..

والسؤال : من اين تأتي هذه الحركة أي ما هو مصدر الحركة بالنسبة للانسان ؟

وقد أجمع العلماء على أن الحركة هـي التـي تميـز بين الحي والميت ، وليس أمـر هـين أن يتمكن الإنسان من تحريك عضلة ما في جسمه ، وإنـا هـو في غاية الصعوبة حيث يجـب على المخ أولاً أن يدرك تلك الحركة ثم يعطي المخ الأمر للعضلة بالقيام بتلك الحركة فتعود تلك الحركة للمخ مـرة ثانيـة لـتعـرف الخطوة القادمة لها .. وكل هذا يحدث بسرعة كبيرة تفوق سرعة الضوء وليس للإنسان دخـل فيهـا بمعنى أنه إذا أراد شخص المشي فإنه لا يقول لقدمه تحركي وإنما يجد نفسه يتحرك.

اذن الطاقة الحركية هبة من الله عز وجل للإنسان فهي طاقـة أوتوماتيكية ، وعندما تغذي الطاقة الحركية بالوقود فإنه سينتج عن ذلك الطاقة الجسمانية.


الطاقة الجسمانية :

يجب الموازنة بين الوقود الداخل للجسم والطاقة الحركية لهذا الجسم.

غذاء الطاقة الحركية هو الطعام والشراب والنـوم ، فعنـدما تأكل فأنت تحصل على الغذاء الذي ينتج عنه حركة الهضم . وأيضا الشراب ينتج عنـه إفراز العـرق وإخـراج البـول وغيره مـن الطاقة الحركيـة الداخلية للجسم . والنوم أيضا يمكّن الإنسان من مواصلة تحركاته اليومية الطبيعية فلا يستطيع إنسان مواصلة الحركة دون النوم وإلا سيصاب بأزمة قلبية تكون سببا في وفاتـه لهذا يجب الموازنة بين الطاقة الحركية والطاقة الجسمانية .

والطاقة الجسمانية تنقسم إلى :

الطعام : وهو مقدار الغذاء الذي يحتاج إليه الجسم لتمكينـه من أداء مهامه ، ويجب أن تكون بالقدر الذي يحتاجه الجسم ، وإلا كان الاختلال .

الشراب : وهو مقدار السوائل التي يحتاجها الجسم.
النوم : وهو الذي يمكن الإنسان من مواصلة نشاطاته.

التنفس : فالمخ يحصل على 33 ٪ مـن الأوكسجين الداخل للرئتين . وعندما ينتظم تنفس شخص ما فإن هذا الشخص سيعطى طاقة جيدة .. وهناك الآن أكثر من ١٢ ألـف صنف من أصناف التنفس ، هنـاك ن مثلا تـنـفـس يساعد عـلى الاسترخاء .. وتنفس يمد الإنسان بالطاقة .. وتنفس ينظم الطاقة .. وتنفس ينظم نشاط المخ .

وقلنا إنه يجب الموازنة بين الوقود الداخل للجسم والطاقة الحركية لهذا الجسم ، فإذا أعطيت الجسم وقودا أكثر مما يحتاج إليه كزيادة الطعام فستجد الجسم يخزن الطعام الزائـد تـحـت الجلـد وتظهر الأمراض على هذا الجسم . وكذلك الحال بالنسبة للنوم والشراب.

لقد أشرنا إلى أن الطاقة الحركية هي التي تميز الإنسان عـن الجمادات والنباتات ، ومعنى هذا أن الحيـوان أيـضـا لـديـه طـاقـة حركية ، لكن هناك نوعا آخر من الطاقة تميّز الإنسان عن الحيوان ، وهي الطاقة الفكري.

الطاقة الفكرية :

"عندما تلتقي الحركة مع الرؤية تحدث السعادة ". الشيخ الشعراوي

إن الإنسان عندما يستيقظ من النوم ويدخل الحمام ليتوضأ ثم يستعد للصلاة فإنه لن يستطيع فعل أي من ذلك إلا بالطاقة الفكرية التي تعطي معنى للطاقة الحركية ، حيث يفكر الإنسان بالمنطق ثم يأخذ القرار فنجد الإنسان عنـدمـا يـصـلي فإنـه يعـلـم جيدا كيف يصلي ، وعندما يمشي أو يأكل فهو يعلم جيدا كيفيـة أداء تلك الأمور . . ولقد قال الشيخ الشعراوي رحمه الله في كتابه " خواطر " قـال : " إنـه عنـدما تلتقي الحركـة مـع الرؤيـة تحـدث السعادة " .

فالحركة تمثل الطاقة الحركية ، والرؤية تمثـل الطاقة الفكرية والمزج بينها يحقق كما ذكر الشيخ الشعراوي السعادة للإنسان . فبالتقاء الفكر مع الحركة يولد معنى للطاقة الحركية ..

إذن الفكرة تؤثر على الذهن ، فالمفكر عندما يفكر فإنه يضع الفكرة في ذهنه فتنتج عملية التفكير التي ينتج عنهـا التركيز ثـم يتبع التركيز الانتبـاه الـذي ينتج عنه الإحساس الذي يتبعـه.

السلوك ثم النتائج التي تسبب الواقع الذي يسبب المـصـير الـذي يتسع وينتشر من نفس نوعه .
فإذا اردت ان تغـيـر مـصير حياتك غير ادراكك .
وهنا نشعر بروعة قوله تعالى " إن الله لا يغير مـا بقـوم حتـى يغيروا ما بأنفسهم " . لأن الإنسان هـو السبب في الفكرة ، وهـو بـذلك المحـدد لمصيره . فعلى الإنسان ألا يوقع نفسه فريسة للتركيز السلبي عـلى فكرة معينة ، ولا يلوم غيره على عدم التغيـيـر بـل عـليـه أن يبـدأ بنفسه .

إذن الطاقة الحركية تستمد وقودهـا مـن الطاقة الجسمانية ، والطاقة الجسمانية تحرق الوقود من الطاقة الحركيـة فهما طاقتـان كل منهما تكمل الأخرى، ولكي نعطي معنى للحركة سينتج عن ذلك الطاقة الفكرية.

أساسيات الطاقة الفكرية :

تتكون الطاقة الفكرية من :
القدرة على الإدراك.
القدرة على التحليل.
القدرة على المقارنة.
القدرة على اتخاذ القرار.

أولا : القدرة على الإدراك
وهو الشيء الذي يفصل بين الإنسان والحيوان ، فالإنسان لديه القدرة على الإدراك والتفكير ، وبما أن الإنسان لديـه القـدرة على الإدراك إذن فإن لديه القدرة على التغيير والإنسان فقط لديه القدرة على التغيير حيـث تـكـون لديـه الأهداف والأحلام والتخطيط والتقييم والتغيير ، فالمخ هبة من الله للإنسان . ولقد أشار الدكتور " هاربتس بنسر " منذ حوالي عشر سنوات إلى أن المخ به من ٥٠ إلى ١٥٠ مليار خلية عقلية ، أما الآن فقـد أجمعت الأبحاث على أن المخ به ١٥٠ مليار خلية عقلية على الأقل وهذا يدلنا عـلى أهمية الإنسان وإلى أن الله ميزه عن باقي المخلوقات بالمخ .

ثانيا : القدرة على التحليل
و المـخ لديـه القـدرة على التحليـل ، فهـو يـستطيع أن يحلـل المعلومات والمحتويات بسرعة فائقة .

ثالثا : القدرة على المقارنة
المقارنة بين المعلومات والمحتوى الموجود الآن والمعلومات الموجودة في مخازن ذاكرته .

رابعا : القدرة اتخاذ القرار
حيث يستطيع المخ أن يتخذ القرارات ، فهـو يتخـذ القـرار للقيام أو الطعام أو الحركة أو النوم ... إلخ . إذن الطاقة الفكرية تؤثر على الذهن وعلى الحواس وبالتالي هي تؤثر على الجسد كله لهذا فإن العقل والجسد يكمل كل منهما الآخر . ولقد أشارت العلوم الحديثة إلى أن أكثـر مـن ٪ ۹۳ من المرضى يرجع مرضهم إلى العقل الذي يشار إليه بـ ( السيكو ) فهذا العقل يفكـر فيتعب الجسد الذي يشار إليه بـ ( سومو ) .. فبمجرد تفكير الإنسان بفكرة ما فإنها تؤثر على أحاسيسه وعلى جسده ..

ونلاحظ أن الإنسان إذا فكـر مـثلاً في المسار عنـدما يحـك بالزجاج فإن الجسم سيشعر بالقشعريرة رغم عدم وجود المسار والزجاج ، وإنها شعر الجسد بالقشعريرة بالتفكير فقط ..

إذن الإنسان عندما يفكر بفكرة فإنه يغـير جـسده وهـذا مـا أخبرنا به الرسول عليه الصلاة والسلام في حديثه عن الشخص الغضبان وفيه وضح الرسول الكريم أن الغضبان عليـه أن يغير من هيئته أو أن يتوضأ في محاولة منه لإطفاء نار غضبه .

والعلوم الحديثة تشير إلى أهمية تغيير الوضع والانفصال عن التجربة لوقت ثم الاتصال مرة أخرى بطريقة مختلفة ونجد مثلاً شخصين جالسين في مطعم يتحدثان في أمر مـا ثـم يـأتي النـادل فيقطع حديثهما ..وبعد مضيه ينسى الشخصان ما كـان يتحـدثان فيـه والـذي حدث لهما أن هذا الوقت المقتطع أثر على تركيز كل منها .

فيجب الموازنة بين الطاقة الحركية والطاقة الجسمانية التي تغذيها بالوقود وذلك لأن عدم التوازن سيخل بالطاقة . فالطاقة الحركيـة تحرك الجسم ، والطاقة الجسمانية تغـذي الحركة ، والطاقة الفكرية تغذي المعنى .

إذن المـخ هـو مـا يميـز الانـسـان عـن غـيـره مـن المخلوقات .. فلقد خلق الله الانسان وفضله تفضيلا.

والمخ لديه عدة وظائف أولهـا الاستدلال ثـم المعرفـة ثـم المهارة ثم الابتكار ..وربما تعددت المذاهب لكن في النهاية سيدرك المخ أن الله سبحانه وتعالى واحد وأنه يجب الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى ، فعندما يمر الإنسان بأزمة مـا فـإنـه يقـول " يارب " فالحـل هـو الطاقة الروحانية وهو الله عز وجل فأنت لا تستطيع أن تقول أنـا بمفردي وإنما نحن جميعا شيء واحد ..

وهنا أحب أن أذكر قصة الرجل الذي كان يرعى الغنم فمـر عليه سائح فسأل السائح الراعي : كم من المسافة يستطيع الغنم أن يمشيها كل يوم ؟ فرد عليه الراعي قائلاً : هذا يتوقف على نـوع الـغـنـم أتقصد الغنم الأبيض أم الغنم الأسود ؟ فقـال السائح : أخـبرني عن الأسـود ، قـال الراعي : يمشي ميلا كـل يـوم ، فقـال السائح : فـاذا عـن الـغـنم الأبيض ؟
قال الراعي : بالنسبة للأبيض يمشي ميلاً كل يوم .. فأراد السائح أن يتعرف أكثر فسأل الراعي وما كمية الطعام الذي يأكله الغنم يوميا ؟
قال الراعي : هذا يتوقف على نوع الغنم هل هو الأبيض أم الأسود ؟ قال السائح : الأسود ، قال الراعي : يأكل كيلو مـن الحبـوب يوميا ، فقال السائح : فما حال الأبيض بالنسبة لكمية الطعام ؟ قال الراعي : بالنسبة للأبيض فإنـه يأكـل كيلـو مـن الحبـوب يوميا ..

فسأل السائح عن كمية الماء الذي يستطيع الغنم أن يشربها يوميا ، فرد الراعي : هـذا يتوقف على نوع الغنم أهو الأبيض أم الأسـود ؟ قـال السائح : الأسود ، قال الراعي : يشرب جالون ماء يوميا ، قال السائح : فما حال الغنم الأبيض بالنسبة لكمية الماء ؟

قال الراعي بالنسبة للأبيض يشرب جـالـون مـاء يوميا فاستغرب السائح ، وقال للرجل : أنا كلما سألتك سؤالاً تقـول لي هل هذا السؤال يخص الغنم الأبيض أم الأسود ثم تعطيني نفس الإجابة في النهاية هل لك أن تفسر لي هذا الأمر ؟
قال الراعي : ألا تعلم أن الغنم الأسـود مـلـك لي ، فقـال السائح : وماذا عن الغنم الأبيض ؟ قال الراعي : بالنسبة للأبيض فهو ملك لي ..
إذن كلنا في هذه الدنيا الشخص نفسه والخالق واحد . فلولا الطاقة الفكرية لما كان للمـخ أي معنى ، ولولا وجـود المـخ مـا كـان هناك إدراك .. وإذا انعـــدم الإدراك بالنسبة للإنسان فـلا فـارق بينـه حينها وبين الحيوان ، ولولا الحركـة لمـا كـان هـنـاك فارق بينه وبين الجماد.


الطاقة العاطفية :

لا شك أنّ حياة الإنسان لا تستقيم ولا يكون لها معنى بدون العاطفة.
الطاقة العاطفية هي العاطفة والحب والإحساس بالحب وبأنك محبوب ، وهي من أهم احتياجات الإنسان بعد البقاء فـلا نجد حيوانا يقول لأنثاه أنا أحبك وإنما الأمر مختلف تماما بين الإنسان والحيوان في هذا الأمر .

لا شك أن حياة الإنسان لا تستقيم ولا يكـون لهـا معنى بدون الحب ، فبالحـب خـلـق الله تعالى الخلق ، وبالحـب أمـرهـم سبحانه بعبادته ، وبالحـب سيكافئ المولى تبارك وتعالى عبـاده الصالحين . إن الحـب يـصنع المعجزات وعــلى الإنسان أولاً أن يحـب الله وهذا سيتبعه حب للنفس ، وعلى الإنسان أن يشعر أنه معجزة أبدعها الله عز وجل ، فلقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أحسن تقويم ، يقول الله تعالى : " ولقـد خلقنـا الإنسان في أحسن تقويم".

عليك أن تحـب نفـسك وتقـدرها ، وتقـول انـا متزن داخليا واحب الهدية التي وهبني الله سبحانه وتعالى إياها .

وكي نصل لمرحلة الحب المتكامـل يجـب أولا أن نصل إلى التسامح المتكامل ، ومنه إلى الحب وبعد ذلك سنصل إلى مرحلـة العطاء .. لأنك لن تستطيع أن تعطي بدون الحـب ، ولـن تـستطيع أن تحب بدون التسامح .. فالأمور الثلاثة ( التسامح – الحـب – العطـاء ) مرتبطـة ببعضها ، فلا تستطيع أن تصل لواحدة منها دون الأخريين . وإذا كان الإنسان متسامحا فـإن تفكيره سيكون بشكل صحيح وسيكون لديه اتزان في القوة الروحانية التي سينتج عنها اتزان الذهن الذي سيعقبه اتزان الشعور والأحاسيس ، وينتهي الأمر بأن يكون الجسم كله في اتزان فيحدث اتزان جسماني .

يجب على الإنسان أن يمر بمرحلـة التسامح ، وهـي تـشمل التسامح المنطقي والتسامح العاطفي .. أولاً يجب على الإنسان أن يدرك أنه يجب أن يكون متسامحا ، فهذا الإدراك يمثل ٥٠ ٪ من التغيير ، فالإدراك يتبعه اتخاذ القرار بالتغيير . فإذا غضبت من شخص ما فلا تهدر طاقتك في الغضب والضيق والحـزن ، وإنما الأفضل أن تسامح ، فأرسـل لمن يضايقك باقة جميلـة مـن الطاقة ، فطاقـة الإنـسـان لـو وصلت ببلـد لأضـاءته لمـدة أسبوع كامل..

إنها طاقة هائلة اعطاها الله لك تساوي اكثر من ٨٠ مليار دولار ، فالحياة قصيرة ، ولن يكون لها إعادة ..
يجب على الإنسان أن يحب الناس بـلا شروط ، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش في الحياة بمفرده ، فطبيعة الإنسان الداخلية هي تحدد علاقاته بالآخرين .. فإن كان الإنسان محبا من داخلـه للآخـرين سـاعيا إلى مـد جسور التواصل بينه وبين غيره فإنه سيحب الآخـرين وسيسعد بهم وسيبادلونه نفس الشعور .. إن الطاقة الحركية تحتاج مـا يـغـذيها وهـذا الغـذاء يتمثـل في الطاقة الجسمانية التي تحتاج لفكر وهذا يتمثل في الطاقة الفكرية ..

وفي النهاية يحتاج كل هذا إلى الحواس والعواطف وهـذا مـا مثلته الطاقة العاطفية لكن هذا لا يكفي فلابـد مـن وجـود نـوع آخـر مـن الطاقة يعطينـا الثـراء وهـذا مـا سـتمدنا بـه الطاقـة الروحانية .


الطاقة الروحانية:

الطاقة الروحانية هي طاقة الثراء وبدون الطاقة الروحانية لا يوجد ثراء ومبادئ للإنسان .
الطاقات الأربعة السابقة ( الحركية – الجسمانية – الفكرية – العاطفية ) هي طاقات بقـاء ، أمـا الطاقة الروحانيـة فـهـي الثراء ، وبدون الطاقة الروحانية لا يوجد ثراء ومبادئ للإنسان .
وإذا نظرنـا لأكـبـر رجـال الـعـالم نجاحًـا سـنجد أن نجاحهم أنهم يتمتعون بالقيم العليا والأمر الثاني أنهـم يتمتعـون برؤية واضحة والأمر الثالث الاعتقاد الذاتي الـذي يربط القيم العليا بالرؤية الواضحة .
فإذا كان الانسان بلا قيم عليـا فـسيكون في هـذه الحياة تائهًا.

إذن القيم العليا امر ضروري لكل إنسان، وأجمل وأهم ما في الطاقة الروحانية هـو الارتبـاط بـالله عـز وجل ، فعلى الإنسان أن يكون متصلا بالله دائما مهما كان اسمه أو سنه أو جنسيته أو ديانته أو المكان الموجود فيه يقول الله عز وجل " فإذا عزمت فتوكل على الله " .. وعزمت هنا تشير إلى وجـود العقـل والتفكير واستخدام الجوارح والحواس والتفكير في الفعـل ثـم التخطيط والتقييم والتعديل ، وهذه الأشياء كلهـا من الأسباب وبإلمام الأسباب سيتجه الإنسان إلى مـسبب الأسباب وهـو الله سبحانه وتعالى فيأتي قوله : " ... فتوكـل على الله".

فالأسباب ليست سبب نجاح الإنسان الوحيد ، وإنـما السبب هو الله عز وجل ، وهناك من يفتن بالأسباب فيهلك بها ويصاب بالاكتئاب وذلك لبعده عن مسبب الأسباب .

الإرتباط بالله سبحانه وتعالى :

على الإنسان أن يتحكم جيدا في نفسه ، وأن يسد على الشيطان مداخله.

إن الأساس الأول للطاقة الروحانية هو : الارتباط بـالله عـز وجل ، ولابد أن نعلم أن الشيطان سيحاول جاهـدا أن يبعـد الإنسان عن هذا الارتباط بالله ، فيبـدأ بمحاربة الإنسان بعـدة وسائل وهي :

  1. يحـاول الـشيطان أن يوقـع بالإنسان في المعصية : وهـي الوسيلة الأولى التـي يستخدمها الشيطان مـع الإنسان ، فإذا لم يستجب الشخص له انتقل للوسيلة الثانية.

  2. إبعاد الإنسان عن الطاعـة ، فـإن لم ينجح في ذلك انتقل للوسيلة الثالثة.

  3. التشويش على الإنسان أثناء تأديتـه للطاعـة عـن طـريـق الوسوسة الشيطانية لبعض الأشخاص مثـل الـشخص الـذي يـصلي فيوسوس له الشيطان قائلاً له هل توضأت قبل الصلاة .. كم ركعة صليت ..
    فالشيطان يحاول أن يشوش ويربك الإنسان أثنـاء طاعتـه ليفسد عليه تلك الطاعة وليضيع عليه الثواب .
إذن يجب على الإنسان أن يتحكم جيدا في نفسه ، وأن يسد على الشيطان مداخله .. وهنا ينشأ لدى هذا الشخص المتحكم ما يعرف بالفكر الروحاني ، فعندما يصلي الإنسان فهو يحمي نفسه من التفكير السلبي وأيـضـا عـلى الإنسان أن ينتبـه مـن التفكير الإيجابي أثناء الصلاة لأن ذلك يفسد الصلاة كذلك وإنما يجب أن يعلـو الإنـسان بتفكــره ليصبح فكــــره روحانيـا خالصا لله عز وجل.

مـن هـنـا فـإن أول أساسيات الارتبـاط بـالله سبحانه وتعالى هو الإيمان التام بالله ، ومنه نصل إلى الاستسلام لله بمعنى أنه يجب على الشخص أن يستسلم لله ، ومنه جاءت كلمـة " إسلام " أي أنه يسلم أمره تماما الله عز وجل ..

هذا الاستسلام إقبال على الطاعة التي تكون خالصة وسيتبع لله فينمو الإخلاص لدى هذا الشخص ، ثـم الـوفـاء للإخـلاص وفي النهاية سيكون لدى هذا الشخص رؤية واضحة يستطيع أن يصنع منها أهدافا .. ويجب أن يكون كل هدف من هذه الأهـداف يخدم الرؤيـة التي تخدم بدورها غايـة وهـي الله سبحانه وتعالى ، وإن لم يكن الأمر كذلك سيكون نجاح الشخص ينتهي بمجرد تحقيق هدفه ، إذن سيكون نجاحا دنيويا ليس له استمرار في الزمن ؛ لأن الرؤية ليست مستمرة في الزمن بمعنى أنهـا لـيس لهـا غـايـة وهـي الله سبحانه وتعالى.

لذلك يجب علي الإنسان أن تكون له رؤية وكذلك تكون لـه غايـة مقسمة إلى غـرض وقـوة وهـدف ، فتصبح تلـك القـوة الروحانية فكر روحاني وتصبح حركات هذا الشخص حركات روحانية فتكون طريقته في تناول الطعام وفي مشيه روحانية حتى يصبح الشخص شخصا ربانيا.

وإذا أصبح الشخص روحانيا يصبح بشريا لأننـا في الأصـل روحانيون لنا طابع بشري ، لذا يجب أن تكـون رسالة الإنسان رسالة بشرية وهي التحسن نحو الأفضل ، وهنا يأتي دور التنميـة البشرية التي هي بمثابة حياة كاملـة تـدفع الإنسان سـواء كـان رجلا أو امرأة أو عاملاً أو مديرا أو أبا أو أما أيا كان هذا الإنسان عليه أن يحسّن من نفسه ليتقدم نحو الأمام.

إذن كـل تـلـك الطاقـات مرتبطة ببعضها أولا الإيمان ثـم الاستسلام المؤدي للطاعة ثم الإخلاص فتظهر الرؤية ومنهـا إلى التوكـل عـلى الله سبحانه وتعـالى والمتوكـل عـلى الله دائـمـا متفائـل " تفاءلوا بالخير تجدوه " وتفاءلوا أمر مباشر مستمر في الزمن وتفاءلوا هـي الوسيلة ، والنتيجـة ستكون وجود الخير وهـو مـن نفـس نـوع التفاؤل..

وهنا يظهر قانون توارد الخواطر وقانون الانجذاب وقـانون العودة وهو أن ما تقذفه يعود إليك من نفس النوع . فإذا وصل الإنسان لمرحلة الارتباط الشديد بالله فسيكون هذا الشخص حريصا ألا يغضب الله وسيكون تفكيره قبـل عمل أي شيء تفكيرا روحانيا لأن هذا الشخص لديه اليقين أنـه تارك هذه الدنيا في يوم ما ، لذا فعليه أن يكون مستعدا في كل لحظة من حياته أن تكون تلك هي اللحظة الأخيرة .. فمن منـا مستعد الآن ؟ هل أنت جاهز ؟ أم أن الدنيا جذبتك للبقـاء فبعـدت عـن غايتك من الحياة؟

إن الشيطان يحاول أن يخيـف الإنسان من البقـاء وقـلـة المـال في المستقبل فما يكـون مـن الإنسان الذي يستجيب له إلا أنه يحرص على جمع المال حتى لو بطرق غير شرعية فتظهر الجرائم ، وكل هـذا لأن هـذا الإنسان أراد البقـاء ولم يدرك أن البقاء الحقيقي في الارتباط بالله سبحانه وتعالى الـذي يتمثل في الطاقة الروحانية.

اذن الطاقة الحركية تغذى بالطاقة الجسمانية التي تغذى بالطاقة الفكرية التي تغذى بالطاقة العاطفية .. وفي النهايـة تغذي كـل هـذه الطاقات بالطاقة الروحانية فلولا وجود الطاقة الروحانيـة لمـا كـان هناك ثـراء روحاني للانسان ولولا وجود هذا الثراء الانساني لما كان هناك بقاء.

من كتاب الطريق الى القمة
للدكتور ابراهيم الفقي


عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر
تابعنا على الفيسبوك تابعنا على تلغرام

إختبارات قد تعجبك