anyquizi logo

الحب يصنع الاختلاف

الحب يصنع الاختلاف

الحب يصنع الاختلاف


الحب ليس هو الحاجة العاطفية الوحيدة لنا ؛ فقد لاحظ علماء النفس أنه من بين احتياجاتنا الأساسية حاجتنا إلى ؛ الأمان ، الثقة بالنفس ، والإحساس بالأهمية ؛ ولكن الحب يربط بين كل هذه الأشياء .

عندما أشعر بالحب من قبل شريكي في الحياة ، يمكنني أن أشعر بالراحة ؛ لأننى أعلم أنه لن يلحقني من الشخص الذي أحبه أي أذى ، وأشعر بالأمان في وجوده ، وربما أواجه بعض المخاطر في مهنتي ، أو يكون لدى أعداء في أي جزء آخر من حياتي ، ولكنني أشعر بالأمان مع شريكي في الحياة .

ويزداد إحساسي بالثقة بالنفس عندما أدرك حقيقة أن شريكي في الحياة يحبني ، وقبل كل شيء ، إذا كان يحبني فلابد أن أكون أستحق هذا الحب ، ربما قد أعطاني والداي رسائل سلبية أو مختلطة عن قيمتى ، ولكن شريكي في الحياة يعرفني كشخص بالغ ويحبني ، وحبه لي يبنى احترامي لذاتي ، والحاجة إلى الشعور بالأهمية هي القوة العاطفية المحركة للكثير من سلوكياتنا ، والحاجة إلى النجاح هي التي تعطى الحياة ؛ فنحن نريد أن يكون لحياتنا معنى ، ولكل منا مفهومه الخاص عن الطريقة التي يشعر بها أنه مهم ، ويعمل جاهداً ليصل لأهدافه ، ويعزز إحساسنا بأننا محبوبون من شريكنا في الحياة من شعورنا بالأهمية ، ويكون منطقنا في هذا : إذا كان هناك شخص ما يحبني ، فلابد أن لى أهمية.

إننى مهم ؛ لأننى أحتل قمة ترتيب المخلوقات ، وأستطيع التفكير في أشياء مجردة ، وأقوم بتوصيل أفكاري من خلال الكلمات ، وأتخذ القرارات ، ومن خلال الكلمات المطبوعة أو المسجلة ، يمكنني الاستفادة من أفكار من سبقوني ، كما يمكنني الاستفادة من خبرات الآخرين ، على الرغم من أنهم عاشوا في عصور وثقافات مختلفة ، وأمر بتجربة موت أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء ؛ فأعرف أنّ هناك وجوداً بعد هذا العالم المادي ، وأكتشف أنه في كل الثقافات ، يعتقد الناس في وجود عالم روحاني ، ويحس قلبي أن هذا حقيقي ، على الرغم من أن عقلي الذي قد درب على الملاحظة العلمية يطرح أسئلة دقيقة .

إنني مهم ، وتلك الحياة لها قيمة ، وثمة هدف أسمى أريد أن أومن به ، ولكني ربما لا أشعر بهذه الأهمية إلا بعد أن يعبر لي شخص ما عنها ، وعندما يبذل شريكي في الحياة وقته وطاقته وجهده لي بكل الحب ، تملؤني الثقة بأنني مهم ، وبدون الحب ، ربما أقضى عمري كله بحثا عن الأهمية والإحساس بالذات والأمان ، عندما أمر بتجربة الحب ، فإنه يؤثر في كل تلك الاحتياجات بشكل إيجابي ، فلدي الحرية الآن لتطوير قوتي ، والشعور بأمان أكثر بإحساسي بقيمتي الذاتية ، وأستطيع الآن إظهار قوتي بدلاً من أن أكون مشغولاً باحتياجاتي الخاصة ، فدائماً ما الحب الحقيقي الشخص .

وفيما يتعلق بالحياة الزوجية ، إذا لم نشعر بالفعل بأننا محبوبون ، فستتعاظم اختلافاتنا ، ونصل للنقطة التي نرى فيها أن الطرف الآخر مصدر تهديد لسعادتنا ، فنحارب من أجل قيمتنا الذاتية وأهميتنا ، وبذلك تصبح الحياة الزوجية ساحة حرب بدلاً من أن تكون ملجأ للأمان .

وليس الحب هو الحل لكل شيء ، ولكنه يخلق جواً من الأمان يمكن أن نبحث فيه عن حلول لتلك الأشياء التي تؤرقنا ، وفي أمان الحب ، يمكن أن يناقش الزوجان الخلافات دون أن يدين أحدهما الآخر ، وبذلك تنتهى الصراعات ، ويستطيع الشخصان اللذان بينهما اختلافات تعلم أن يعيشا معاً في تآلف ، ونتعلم كيف يحقق كل منا أفضل شيء للطرف الآخر ، وتلك هي منافع وهبات الحب .

ويتطلب منك قرار أن تحب شريكك في الحياة إرادة هائلة ، ولكن من خلال تعلم لغة الحب الخاصة به ، فإن ذلك يجعل هذه الإرادة أمراً واقعاً ، ويؤدى الحب بالفعل إلى الإحساس " بأن العالم يدور من حولك " ، أو على الأقل كان هكذا بالنسبة لـ " جين " و " نورم " . لقد سافرا ثلاث ساعات حتى يصلا إلى مكتبي ، وكان واضحاً أن " نورم " لم يكن يرغب في المجيء إلى هنا ، ولكن " جين " أجبرته عن طريق تهديده بأنها ستهجره ( لا أوصى بهذا الأسلوب ، ولكن الناس لا يعرفون توصياتي إلا بعد أن يأتوا لرؤيتي ) ، لقد امتدت حياتهما الزوجية لخمسة وثلاثين عاما ، ولم يذهبا إلى استشاري زواج من قبل .

كانت " جين " هي من بدأت المحادثة ، حين قالت : " أريدك أن تعرف شيئين في البداية يا دكتور " تشابمان " قبل كل شيء نحن لا نعاني من أية مشكلة مالية ؛ فقد كنت أقرأ في إحدى المجلات أن النقود هي أكبر مشكلة في الزواج ، وهذا ليس صحيحا بالنسبة لنا ؛ فقد عملنا معا خلال سنوات عمرنا ، ودفعنا ثمن البيت والسيارة ، وليست لدينا أية مشاكل مادية ، والأمر الثاني الذي أريد أن أخبرك به أننا لا نتجادل : فقد سمعت صديقاتي يتحدثن عن جدالهن مع أزواجهم طوال أما نحن فلم نتجادل أبدأ ، لا أستطيع أن أتذكر آخر مرة تجادلنا فيها ، هو الوقت ، فنحن متفقان على أن الجدال لا طائل من ورائه ؛ ولذلك لا نتجادل " .

وقد أعجبت كاستشاري بإيضاح " جين " للأمر ، وكنت أعرف أنها تريد أن تدخل مباشرة في لب الموضوع ، وقد كان واضحا أنها فكرت جيداً في شرحها للأمر ، وأرادت أن تتأكد من أننا لن نقع في مشكلة عدم وجود مشكلة ، وأن تستغل الساعة بذكاء واستطردت حديثها قائلة : " وتكمن المشكلة في أنني لا أشعر بأي حب من جانب " نورم " ؛ فقد أصبحت الحياة روتينية بالنسبة لنا ، فنحن نستيقظ في الصباح وننطلق إلى عملنا ، وخلال فترة الظهيرة ، يفعل بعض الأشياء الخاصة به ، وأفعل بعض الأشياء الخاصة بي ، وعادة ما نتناول العشاء معا ، ولكننا لا نتحدث ، فهو يشاهد التلفاز بينما نتناول العشاء ، وبعد تناول العشاء ، يقضي بعض الوقت في عمل بعض الأشياء التافهة في الدور الأرضى ، ثم ينام أمام التلفاز ، حتى أقول له إن الوقت قد حان للنوم ، هذا هو البرنامج اليومي الذي نقوم به على مدار خمسة أيام أسبوعياً ، وفي يوم السبت ، يلعب الجولف في الصباح ، ويعمل في الحديقة في فترة الظهيرة ، ونخرج لتناول العشاء مع زوجين آخرين ليلة السبت ، ويتحدث معهم ، ولكن بمجرد أن نركب السيارة ، ينتهى الكلام ، وما إن ندخل البيت ، ينام أمام التلفاز حتى نذهب للفراش ، وفي صباح يوم الأحد ، نذهب إلى دار العبادة " ، وأكدت ذلك قائلة : " دائماً ما نذهب إلى دار العبادة صبيحة يوم الأحد ، وبعد ذلك ، نخرج لتناول الغداء مع بعض الأصدقاء ، وعندما نصل إلى البيت ، ينام أمام التلفاز الأحد ، وغالباً ما نعود إلى دار العبادة يوم الأحد ليلا ، ثم نعود للبيت ، ونتناول الفشار ، وبعد ذلك نأوى لفراشنا ، هذا هو برنامجنا الأسبوعي ، هذا كل شيء بشأنه ، نحن نشبه رفيقي حجرة يعيشان في نفس البيت ، لا يحدث شيء طيلة ظهيرة يوم بيننا على الإطلاق ، ولا أشعر بأي حب من ناحيته ؛ ليس هناك دفء وليست هناك مشاعر ، ولا يوجد إلا خواء وموت ، ولا أعتقد أنه بإمكاني الاستمرار على هذا الحال بعد الآن " .

ومع الوقت ، بدأت " جين " بالبكاء ، فأعطيتها منديلاً ورقيا ووجهت ناظري إلى " نورم " ، وكان تعليقه الأول هو : " أنا لا أفهمها " ، وبعد فترة صمت قليلة ، استطرد قائلاً : " لقد فعلت كل شيء أعرفه لإظهار حبي لها ، ولاسيما خلال العامين أو الأعوام الثلاثة الماضية الأخيرة عندما كانت تشتكي كثيراً من هذا ، ولم يبد أن أي شيء يجدي نفعاً ، ورغم كل ما كنت أفعله ، استمرت في الشكوى من أنها تشعر بأنها غير محبوبة ، ولا أعرف ما الذي أفعله أكثر من ذلك " .

ويمكنني القول إن " نورم " كان محبطاً وغاضباً ، فسألته : " ما الذي كنت تفعله لإظهار حبك لـ " جين " ؟ " .

فقال : " حسناً ، أحد الأشياء هو أنني كنت أعود من العمل إلى البيت قبلها ؛ ولذلك أنا من يقوم بإعداد العشاء كل ليلة ، وفي الحقيقة إن رمت الصدق غالباً ما يكون العشاء جاهزاً عندما تصل إلى البيت أربع ليال أسبوعياً ، والليلة الأخرى ، نذهب لتناول العشاء في الخارج ، وبعد تناول العشاء ، أقوم بغسل الأطباق ثلاث ليال أسبوعياً ، والليلة الأخرى يكون لدى اجتماع ، ولكنني أغسل الأطباق ثلاث ليال أسبوعيا بعد انتهاء العشاء ، و وأقوم بكل أعمال الكنس ؛ لأنها تعاني من ألم في ظهرها ، وأقوم بكل الأعمال الخاصة بالحديقة ؛ لأنها تنفر من الغبار ، و ر ، وأقوم بترتيب الملابس عندما تخرج من المجفف".

وأخذ يخبرني بأشياء أخرى يفعلها من أجل " جين " ، وعندما انتهى من ذلك ، تساءلت : " ماذا تفعل هذه المرأة ؟ فتقريبا لم يتبق لها شيء " .

فاستكمل " نورم " حديثه قائلاً : " إننى أفعل كل هذه الأشياء ؛ لأظهر لها أننى أحبها ، ورغم ذلك فهي تجلس هناك وتقول لك ما ظلت تقوله لي خلال عامين أو ثلاثة أعوام ماضية ؛ وهو أنها تشعر بأنني لا أحبها ، ولا أعرف ما الذي أفعله غير ذلك من أجلها.

وعندما تحولت مرة أخرى إلى " جين " ، قالت : " كل هذه الأشياء جميلة يا دكتور " تشابمان " ، ولكنني أريد منه أن يجلس " على الأريكة ويتحدث معى " ؛ فنحن لا نتحدث على الإطلاق ، لم نتحدث طوال ثلاثين سنة ، فهو دائماً يغسل الأطباق ، أو يكنس البيت ، أو يقص الحشائش أو يفعل أي شيء آخر ، أريده أن يجلس على الأريكة معس ويمنحني بعضاً من وقته ، وينظر إليّ ، ويتحدث معى عنا وعن حياتنا " .

كانت " جين " تبكى مرة أخرى ، وقد كان واضحاً لي تماماً أن لغة الحب الخاصة بها هي " تكريس الوقت " ، وأنها في حاجة ماسة إلى الاهتمام ؛ فقد كانت تريد أن تعامل كشخص وليس كشيء ، ولم يلبي انشغال " نورم " حاجتها العاطفية ، وبينما كان الكلام يمتد بيني وبين " نورم " ، اكتشفت أنه لا يشعر بأنه محبوب هو الآخر ، ولكنه لم يكن يتحدث عن هذا الأمر ، وكان يعلل هذا بقوله : " إذا كنت متزوجاً منذ خمسة عاماً ، وفواتيرك يتم دفعها ، ولا تتجادل أنت وزوجتك ، فما الذي تريده أكثر من ذلك ؟ " ، كان هذا رأيه ، ولكن عندما قلت له : " ماذا تعني الزوجة المثالية بالنسبة لك ؟ إذا كان بإمكانك أن تكون لديك زوجة مثالية ، فما مواصفاتها ؟ " ، في البداية نظر في عيني مباشرة ، ثم قال : " هل تريد أن تعرف حقاً ؟ " .

فقلت له : " نعم " . فجلس على الأريكة وشبك ذراعيه إلى صدره ، وسرت ابتسامة كبيرة في وجهه ، وقال : " لقد كنت أحلم بهذا ، الزوجة المثالية بالنسبة لي هي الزوجة التي تعود إلى البيت في فترة الظهيرة ، وتعد العشاء ، وأنا أعمل في الحديقة ، فتناديني لأتناول العشاء ، وبعد تناول العشاء ، تغسل الأطباق ، وربما أساعدها في هذا ، ولكنها تكون هي المسئولة عن هذا ، وتخيط الأزرار التي تقع من قميصي" .

ولم تتمالك " جين " نفسها أكثر من ذلك ، فتحولت إليه وقالت : " إننى لا أصدقك ؛ فقد أخبرتني بأنك تحب الطهي " ، فرد عليها " نورم " قائلا : " أنا لا أمانع أن أطهو ، ولكن الرجل هنا يسألني عن الزوجة المثالية " . وعلمت أن لغة " نورم " الأساسية للحب هي بلا شك " الأعمال الخدمية " ، لماذا في رأيك قام " نورم " بعمل كل هذه الأشياء من أجل " جين " ؟ لأن هذه هي لغة الحب الخاصة به ، وهو يعتقد أن هذه هي طريقة إظهار الحب للآخرين ؛ عن طريق عمل بعض الأشياء من أجلهم ، ولكن المشكلة كانت تكمن في أن هذه ليست لغة الحب الأساسية بالنسبة لـ " جين " ، فلم تكن هذه الأشياء تعنى لها من الناحية العاطفية ما تعنى له إذا فعلتها من أجله . وهنا انكشفت الحقيقة لـ " نورم " ، وكان أول شيء قاله : " لماذا لم يخبرني أحد بهذا منذ ثلاثين سنة ؟ فقد كان بإمكاني أن أجلس معها على الأريكة وأتحدث معها لمدة خمس عشرة دقيقة كل ليلة بدلا من أن أفعل كل هذه الأشياء " . وتحول إلى " جين " وقال لها : " للمرة الأولى في حياتي ، أفهم أخيراً ما كنت تعنيه عندما تقولين : " إننا لا نتحدث " ، فلم أستطع أبدأ فهم ذلك ، وقد كنت أعتقد أننا كنا نتحدث دائماً ؛ فقد كنت أسألك : " هل نمت جيداً ؟ " ، كنت أعتقد أننا كنا نتحدث ، ولكن فهمت الآن ؛ فلقد كنت تريدين أن نجلس على الأريكة لخمس عشرة دقيقة كل ليلة ينظر كل منّا للآخر ونتحدث ، والآن أفهم ما كنت تقصدينه ، وأفهم لماذا هو مهم لك إلى هذه الدرجة ؛ فهذه هي لغة الحب الأساسية لك ، وسأبدأ منذ الليلة ، وسأجلس معك خمس عشرة دقيقة على الأريكة للسنوات الباقية من عمري ، ويمكنك أن تثقي في ذلك " .

وتحولت " جين " إلى " نورم " وقالت : " سيكون هذا رائعاً جداً ، ولا أمانع أن أعد لك العشاء ، ولكن ينبغي أن يتأخر قليلاً عن الموعد المعتاد ؛ لأننى أعود من العمل متأخرة عنك ، ولكن ليس لدي مانع في إعداد العشاء ، وسأحب أن أخيط أزرار قميصك ، فلم تكن تتركهم طويلا حتى أقوم بحياكتها ، وسأغسل الأطباق لبقية حياتي إذا كان هذا يشعرك بالحب " .

وعاد كل من " جين " و " نورم " إلى البيت ، وبدأ كل منهما يحب الآخر بلغة الحب الصحيحة ، وفي غضون أقل من شهرين ، كانا يعيشان شهر العسل الثاني لهما ، واتصلا بي هاتفياً من " جزر البهاما " ؛ ليخبراني بأن حياتهما الزوجية قد تغيرت بشكل جذري . هل يمكن أن يبعث الحب العاطفي في الحياة الزوجية من جديد ؟ خمن ذلك ، إن المفتاح لذلك هو تعلم لغة الحب الأساسية لشريكك في الحياة واختيار التحدث بها.

من كتاب لغات الحب الخمسة

عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر
تابعنا على الفيسبوك تابعنا على تلغرام