حب غير المحبوب
كان يـوم سبت جميل من أيام شهر سبتمبر ، وكنت أتنزه أنا وزوجتي في حدائق " رينولدا " ، ونستمتع بالنباتات التي جلب بعضها من أنحاء متفرقة من العالم ، وكان R.J.Renolds وهـو أحد أقطاب التبغ هو من قام بإنشاء تلك الحدائق كجزء من ممتلكاتـه الريفية ، ولكنها الآن جزء من حـرم جامعـة Wake Forest ، وكنا قد تجاوزنا حديقة الأزهـار فقط عندما لاحظت أن " آن " ، وهي سيدة بـدأت تأتيني للاستشارة منذ أسبوعين ، كانت تقترب منا ، كانت تنظر إلى أسفل للأحجار الصغيرة الموجـودة في الممر ، وكان يبدو عليها أنها مستغرقة في تفكير عميق ، وعندما ألقيت عليها التحية ، فزعـت في البداية ثم رفعت رأسها وابتسمت ، وقدمتها لـ " كارولين " ، وتبادلنـا النكات وبعد ذلك وبدون مقدمات سألتني أحد أكثر الأسئلة العميقة التي سمعتها : " هل من الممكن أن تحب شخصاً تكرهه یا دکتور " تشابمان " ؟ " .
وكنـت أعرف أنها طرحت هذا السؤال إثر الشعور بألم عميق ، وأن هذا السؤال يستحـق إجابة واعية ، كما كنت أعرف أنني سألقاهـا خلال الأسبوع التالي لجلسة استشارة أخرى ، ولهذا قلت لها : " إن هـذا أحد أكثر الأسئلة التي تحتاج إلى تفكير عميـق يـا " آن " ، فلم لا نناقشه الأسبـوع القادم ؟ " ، ووافقت علـى ذلك ، واستكملت أنـا و " كارولين " نزهتنا ، ولكن ظل سـؤال " آن " في عقلي ، وبعد ذلك وبينما كنا في طريقنا إلى البيـت ناقشت أنا و " كارولين " هذا السؤال ، وفكرنا فـي الأيام الأولى منحياتنـا الزوجيـة ، وتذكرنا أننا مررنا كثيراً بمشاعر الكراهيـة ، وكانت عبارات الإدانـة التـي يوجهها كل منا للآخر تسبـب الألم ، وفي أعقـاب الألم يأتى الغضب ، ويتحـول الغضب المكبوت داخليا إلى كراهيـة ، ولكن ما الذي جعل الأمر مختلفاً في حالتنـا ؟ لقـد علمنا معـا أن السبب كان اختيار الحـب ؛ فقد أدركنا أننـا إذا ظللنا .
نعيش أسلوب حياة الإدانة والأمر ، فإننا سندمر حياتنا الزوجية ، ولحسن الحظ ، فقد تعلمناخلال عام أن نناقش خلافاتنا دون أن يدين كل منـا الآخر ، وأن نتخذ قراراتنا دون أن ندمر وحدتنا ، وتعلمنا كذلك كيف نقـدم اقتراحات بناءة دون أن تكـون فـي صـورة أمرية ، وأخيراً كيف يتكلـم كل منا لغة الحـب الأساسية للطرف الآخـر ( وقد كتبت معظم هذه الخبرات فـي أحد الكتب التي كتبتهـا في بداياتي : ( Toward a Growing Marriage مطبعـة Moody ) ، وقد اتخذنا قرارنا باختيار الحب وسط مشاعر سلبية لدى كل طرف تجاه الطرف الآخر ، وعندما بدأ كل طرف منا بالتحدث بلغة الحب الأساسية للطرف الآخر ، بدأت المشاعر السلبية بالغضب والكراهية في الاضمحلال .
ورغم هذا ، فقد كانت حالتنا مختلفة عن حالة " آن " ؛ فقد كنت و " كارولين " راغبين في التعلم والتطور ، ولكني علمت أن زوج " أن " لم يكن كذلك ، فقد أخبرتني " آن " الأسبوع الماضي أنها توسلت إليه كي يذهب إلى استشاري زواج ، وألحت عليه أن يقرأ كتاباً أو يسمع شريطاً عن الحياة الزوجية ، ولكنه رفض كل جهودها بشأن التطور ، وكان موقفه كما أخبرتني: " إنني لا أعاني من أي مشكلة ، بل أنت من لديه مشاكل " ، وكان يعتقد أنه محق ، وأنها مخطئة ، وكان الأمر بهذه البساطة بالنسبة له ، واغتال مشاعر الحب لديها عبر السنوات بنقده وإدانته المستمرين ، وبعد عشرة أعوام من الحياة الزوجية ، استُنفدت طاقتها العاطفية ، ودمر تقريباً إحساسها بقيمتها الذاتية ، هل كان هناك أي أمل في نجاح حياة " آن " الزوجية ؟ هل بإمكانها أن تحب زوجا غير محب ؟ هل سيتجاوب مع حبها في يومًا ما ؟
يوم كنت أعلم أن " آن " ملتزمة من الناحية الدينية بشكل كبير ، وأنها كانت تحضر إلى دار العبادة بانتظام ؛ فظننت أنه ربما يكون أملها الوحيد في استمرار حياتها الزوجية هو في عقيدتها .
وقد بدا لي أن هذا التحدي الكبير الذي كتب منذ نحو ألفي عام ربما يكون هو السبيل الذي كانت " آن " تبحث عنه ، ولكن هل بإمكانها أن تنفذه ؟ وهل بإمكان أي شخص أن ينفذه ؟ هل بإمكانها أن تحب شريكها في الحياة الذي يكرهها ؟ وهل يمكنها أن تحب من لعنها ، وأساء إليها ، وصرح لها بمشاعر الاحتقار والكراهية التي يكنها لها ؟ وإذا استطاعت فعل ذلك ، هل سيكون هناك تعويض ؟ هل يمكن أن يتغير زوجها في يوم ما ويبدأ في التعبير عن حبه واهتمامه بها ؟ ولقد كنت مندهشا من العبارة التالية من الخطب القديمة : " أعط ، وسوف يعطى لك ، ويمكن أن أعطيك معياراً جيداً ، اظلم وتكبر ، ولسوف يرد إليك ؛ لأنه كما تدين تدان " .
هل يمكن لهذه القاعدة القديمة لحب الشخص غير المحبوب أن تؤتي ثمارها في زواج استمر لمدة طويلة كزواج " آن " ؟ قد قررت أن أقوم بتجربة ، وافترضت افتراضاً وهو أنه إذا استطاعت " آن " أن تتعلم لغة الحب الأساسية لزوجها ، وتحدثت بها لفترة من الزمن لدرجة أن حاجته العاطفية للحب تم تلبيتها ، فإنه سيتجاوب معها في النهاية ويبدأ في التعبير عن حبه لها ، وتساءلت ، هل سينجح هذا ؟
التقيت بـ " آن " الأسبوع التالي ، وأنصت إليها ثانية وهي تحكى المرارات التي تعيشها في حياتها الزوجية ، وفي نهاية سردها لتلك الأشياء ، طرحت على السؤال الذي سألتني إياه في حدائق رينولدا مرة أخرى ، ووضعته هذه المرة في صيغة تقريرية : " لا أعرف فقط يا دكتور " تشابمان " ما إذا كان بإمكاني أن أحبه في يوم ما مرة أخرى بعد أن فعل كل هذا بي " .
فسألتها : " هل تكلمت مع أي من أصدقائك حول وضعك هذا ؟ " .
فقالت : " تكلمت مع اثنتين من أعز صديقاتي ، وتحدثت قليلا مع غيرهما " ، " وماذا كان ردهما ؟".
فقالت : " اتركيه ، لقد قالوا لي جميعا اتركيه ؛ لأنه لن يتغير ، وإنني ببساطة أطيل معاناتي ، ولكني لا أستطيع أن أحمل نفسي على فعل هذا يا دكتور " تشابمان " ، وربما ينبغي لي أن أفعله ، ولكني لا أستطيع تصديق أن هذا هو الشيء الصحيح لأن أفعله " .
فقلت لها : " يبدو لي أنك منقسمة بين معتقداتك الدينية والأخلاقية التي تخبرك بأنه من الخطأ أن تتحللي من زواجك ، وبين ألمك العاطفي الذي يخبرك بأن التحلل من هذا الزواج هو الوسيلة الوحيدة للنجاة " .
" هذا صحيح تماما يا دكتور " تشابمان " ، وهذا بالضبط ما أشعر به ، ولا أعرف ما ينبغي لي أن أفعله " .
فقلت لها : " أنا متعاطف بشدة مع معاناتك ، فأنت في موقف عصيب جداً ، وأتمنى أن لو كان بإمكاني أن أمنحك حلاً سهلاً ، ولكن للأسف لا أستطيع ، فمن المرجح أن كلا الخيارين اللذين ذكرتهما التحلل من الزواج أو البقاء فيه سيسبب لك قدراً كبيراً من الألم ، وقبل أن تتخذى قرارك ، لدى فكرة ما ولست متأكداً ما إذا كانت ستنجح أم لاولكنني أود منك أن تحاولي ، وأنا أعرف من خلال ما أخبرتني به بأن عقيدتك الدينية مهمة جدا بالنسبة لك ، وأنك تحترمين التعاليم الدينية بدرجة كبيرة " .
فأومأت برأسها مؤكدة ما أقول ، فاستطردت قائلاً : " أريد أن أقرأ عليك شيئاً ، وأعتقد أنه ينطبق على حياتك الزوجية " ، وبدأت أقرأ بتمهل وتأمل . " أقول لكم يا من تستمعون إلى : " أحبوا أعداءكم ، قدموا المعروف لمن يكرهونكم ، باركوا لاعنيكم ، صلوا من أجل من يسيئون إليكم ... ، عاملوا الآخرين كما تحبون أن يعاملوكم ، إذا أحببتم من يحبونكم ، فما فضلكم حينئذ ؟ فـ " المخطئون " أيضاً يحبون من يحبهم " . وتساءلت : " ألا يبدو أن هذا ينطبق على زوجك ؟ هل يعاملك كعدو بدلاً من أن يعاملك كصديق ؟ " .
فأومأت برأسها مؤكدة ما أقول . فسألتها : " هل لعنك في يوم ما ؟ " . " العديد من المرات " .
" هل أساء معاملتك في يوم ما ؟ "
" في معظم الأحيان " .
" وهل أخبرك بأنه يكرهك ؟ " .
" نعم " .
" إذا كنت راغبة يا " آن " ، فأنا أود أن أقوم بتجربة ، وأرى ماذا يحدث لو طبقنا هذا المبدأ على حياتك الزوجية ، ودعيني أشرح ما أعنيه " ، وبدأت أشرح لـ " آن " مفهوم الخزان العاطفي ، وحقيقة أنه عندما يكون مستوى الخزان منخفضاً كما هو الحال بالنسبة لها فلا تكون لدينا مشاعر حب تجاه شريكنا في الحياة ، ولكننا ببساطة نعاني الخواء والألم ؛ وحيث إن الحب حاجة عاطفية أساسية ، فربما يكون نقصه أعمق ألم عاطفي نشعر به ، وقلت لها إنه إذا استطاع كل منا أن يتعلم لغة الحب العاطفية الأساسية للطرف الآخر ، يمكن لهذه الحاجة العاطفية أن تلبي ، وأن تولد المشاعر الإيجابية من جديد . وسألتها : " هل يعني هذا لك شيئا ؟ " .
" لقد وصفت للتو حياتي يا دكتور " تشابمان " ، ولم أرها بمثل هذا الوضوح من قبل ، لقد وقعنا في الحب قبل الزواج ، ولكن لم يمض على زواجنا فترة قصيرة حتى هبطنا من هذا التحليق العالي ، ولم يعرف أي منا كيف يتحدث لغة الحب الأساسية للطرف الآخر ، وظل خزان الحب لدى خاوياً لفترة طويلة ، وأنا متأكدة من أن خزانه أيضاً كان خاوياً ، ولو كنت فهمت هذا منذ البداية ، ربما لم يكن شيء من هذا قد حدث " .
فقلت لها : " لا نستطيع أن نعود بالزمن للوراء يا " آن " ، ولكن كل ما نستطيع أن أن نحاول أن نجعل المستقبل مختلفا ، وأقترح عليك أن تستمر التجربة هو لستة أشهر " .
فقالت : " سأحاول فعل أي شيء " . وأحببت روحها الإيجابية ، ولكني لم أكن متأكداً ما إذا كانت قد أدركت مدى صعوبة التجربة " .
وقلت لها : " دعينا نبدأ بتحديد هدفنا ، إذا أمكنك بعد ستة أشهر أن تحققى أمنيتك الغالية ، فما تكون تلك الأمنية ؟ " .
وظلت " آن " صامتة لبرهة ، ثم قالت بتأمل : " أتمنى أن أرى " جلين " يحبني ثانية ، ويعبر لي عن هذا الحب ، ويقضى وقته معى ، وأتمنى أن نفعل بعض الأشياء معاً وأن نذهب إلى بعض الأماكن معاً ، وأتمنى أن أراه مهتماً بعالمي ، وأن نتحدث عندما نخرج لتناول الطعام ، وأن ينصت إلى ، كما أتمنى أن يقدر أفكاري ، وأن نخرج معاً في نزهات ونستمتع بوقتنا ، وأتمنى أن أرى أنه يقدر حياتنا الزوجية أكثر من أي شيء آخر " .
وتوقفت " آن " لفترة ، ثم أردفت قائلة : " ومن جانبي ، أتمنى أن تكون لدي مشاعر إيجابية ودافئة تجاهه مرة ثانية ، وأن أحترمه ثانية ، وأن أكون فخورة به ؛ لأنه ليست لدى تلك المشاعر في الوقت الحاضر " .
وبينما كانت " آن " تتكلم ، كنت أكتب ، وعندما أنهت كلامها ، قرأت بصوت عال ما قالته ، وقلت لها : " يبدو أن هذا هدف جميل وعظيم ، ولكن هل هذا ما تريدينه حقاً يا " آن " ؟ " .
فقالت : " في الوقت الحاضر ، يبدو هذا الهدف مستحيلاً ، ولكن هذا ما أريد أن أراه يتحقق أكثر من أي شيء آخر " .
فقلت لها : " إذن ، دعينا نتفق على أن يكون هذا هدفنا ، وخلال ستة أشهر ، نريد أن نرى أنك و " جلين " تربطكما علاقة حب من هذا النوع . والآن ، دعيني أفترض افتراضاً ، وسيكون الهدف من تجربتنا هذه هو إثبات ما إذا كان هذا الافتراض صحيحاً أم لا ، لنفترض إذا تمكنت من التحدث بلغة " جلين " الأساسية للحب باستمرار لمدة ستة أشهر ، سيأتي وقت ما خلال هذه الفترة وتلبي حاجته العاطفية للحب ، وعندما يمتلئ خزانه العاطفي ، سيبدأ في تبادل مشاعر الحب معك ، ويقوم هذا الافتراض على فكرة أن حاجتنا العاطفية للحب هي أعمق الحاجات العاطفية لدينا ، وعندما يلبى شخص ما هذه الحاجة لنا ، فإننا سنتفاعل معه بشكل إيجابي . ولعلك تدركين أن هذا الافتراض يضع على عاتقك أخذ المبادرة في كل شيء ؛ فـ " جلين " لا يحاول إنجاح هذا الزواج ، ولكنك أنت من تحاولين ذلك ، وهذا الافتراض يفيد أنه إذا استطعت أن تضعي كل طاقاتك في الاتجاه الصحيح ، فإنه ستكون هناك فرصة سانحة لـ " جلين " في النهاية لأن يتبادل هذا الأمر معك " .
وقرأت الجزء الآخر من التعاليم الدينية ، والتي تقول : " أعط ، وسوف يعطى لك ، ويمكن أن أعطيك معياراً جيداً ، اظلم وتكبر وتجبر ، ولسوف يرد إليك ؛ لأنه كما تدين تدان " .
وحسبما يتراءى لى ، فإن هذا يعتبر مبدأ عاماً ، وليس طريقة لاستغلال البشر ، وبشكل عام ، فإنه عندما تكون لدينا مشاعر العطف تجاه البشر : فستكون لديهم تلك المشاعر تجاهنا أيضاً ، وهذا لا يعني أننا يمكن أن تجعل شخصاً ما عطوفاً تجاهنا بأن نكون عطوفين تجاهه ؛ فنحن كيانات مستقلة ؛ ولذلك ، يمكننا أن نرفض الحب أو نعرض عنه أو حتى نحتقره ، وليس هناك ضمان على أن " جلين " سيستجيب لما ستفعلينه لإظهار الحب له ، ولكن يمكننا القول إن هناك إمكانية كبيرة لذلك " . ( لا يمكن للاستشارى أبدأ أن يتوقع بكل التأكيد سلوك أحد الأشخاص ، وطبقاً لأحد الأبحاث والدراسات المتعلقة بالشخصية ، يمكن للاستشاري فقط أن يتوقع الطريقة التي يحتمل أن يستجيب بها أحد الأفراد لموقف محدد ) .
وبعد أن اتفقنا على هذا الافتراض ، قلت لـ " آن " : " والآن ، دعينا نناقش لغتك الأساسية للحب ، وكذلك لغة " جلين " ، وقد استخلصت مما ذكرته لي بالفعل أنه ربما تكون لغتك الأساسية للحب هي تكريس الوقت ، فما رأيك في هذا ؟ " .
أعتقد هذا يا دكتور " تشابمان " ؛ " ؛ ففي الأيام الأولى من تعارفنا ، كنا نقضي وقتاً معاً ، وكان " جلين " يصغى إلى ، وكنا نتحادث معاً لساعات طوال ، ونفعل الأشياء معاً ، وكنت أشعر بالفعل بأنني محبوبة ، وأتمنى أن يعود هذا الجزء من حياتنا أكثر من أي شيء آخر ، فعندما نقضي الوقت معاً ، أشعر بأنه يهتم بي حقاً ، ولكن عندما يشغل نفسه بعمل أشياء أخرى دائماً ، ولا يكون لديه وقت للتحدث ، أو لفعل أي شيء معي ، أشعر وكأن مشاريعه ونشاطاته الأخرى أكثر أهمية بالنسبة له من علاقتنا " .
وسألتها : " وما لغة " جلين " الأساسية للحب من وجهة نظرك ؟ " .
" أعتقد أنها الاتصال البدني ، ولاسيما الجزء الحميمي منها ، وقد علمت ذلك عندما شعرت بأنه يحبني أكثر وكان هذا عندما كنا متفاعلين أكثر في العلاقة الحميمية ، فقد كان سلوكه مختلفاً ، وأعتقد أن هذه هي لغة الحب الأساسية له يا دكتور " تشابمان " .
" هل شكا ذات مرة من الطريقة التي تتحدثين بها معه ؟ " .
" حسناً ، إنه يقول إننى ألح عليه طوال الوقت ، وإننى لا أدعمه ، وإننى دائماً ما أعارض أفكاره " .
فقلت لها : " إذن ، دعينا نفترض أن " الاتصال البدني " هي لغته الأساسية للحب ، وأن " كلمات التأكيد " هي لغته الثانوية للحب ، والسبب الذي يجعلني أقترح الثانية هو أنه إذا كان يشكو من الكلمات السلبية ، فإن الكلمات الإيجابية ستكون مهمة بالنسبة له بكل وضوح .
والآن ، دعيني أقترح خطة لاختبار افتراضنا ، ماذا يحدث لو ذهبت إلى البيت وقلت لـ " جلين " : " لقد كنت أفكر في حالنا ، وقررت أن أكون زوجة أفضل لك ؛ ولذلك إذا كان لديك أي اقتراحات فيما يتعلق بالطريقة التي يمكن أن أكون بها زوجة أفضل ، فأريدك أن تعلم أنني مستعدة لسماعها ، ويمكنك أن تخبرني بها الآن ، أو أن تفكر في هذا وتخبرني بما توصلت إليه ، ولكني أود حقاً أن أحاول أن أكون زوجة أفضل " ، وتقبلى رده ببساطة ، سواء أكان إيجابياً أو سلبيا كمعلومة وستخبره هذا العبارة المبدئية بأن هناك شيئا مختلفا سيحدث في علاقتكما .
إذن ، اعتماداً على تخمينك بأن لغة الحب الأساسية له هي " الاتصال البدني " ، وافتراضي بأن لغته الثانوية للحب هي " كلمات التشجيع " ، ركزي اهتمامك على هاتين النقطتين لمدة شهر . وإذا قدم لك " جلين " فيما يتعلق بكيفية أن تكوني زوجة أفضل ، تقبلي منه تلك المعلومة وأضيفيها لخطتك ، وابحثي عن الأشياء الإيجابية في حياة " جلين " ، وأثنى على هذه الأشياء فيه عن طريق التشجيع القولي ، وفي نفس الوقت ، توقفي عن الشكوى ، وإذا أردت الشكوى من شيء ما ، اكتبيه في مفكرتك الشخصية الصغيرة بدلاً من من أن تقولي أي شيء بخصوص ذلك لـ " جلين " خلال هذا الشهر .
ابدئي في أخذ مبادرات أكثر فيما يتعلق بالاتصال البدني والعلاقة الحميمة ، فاجئيه بأن تكوني هجومية ، لا أن تستجيبي فقط لمبادراته ، وحددي هدفاً لأن تقوما بممارسة العلاقة الحميمة مرة كل أسبوع خلال أول أسبوعين ، ومرتين أسبوعياً خلال الأسبوعين التاليين " ؛ فقد أخبرتني " آن " بأنها و " جلين " لم يمارسا العلاقة الحميمة خلال الأشهر الستة الماضية إلا مرة أو مرتين ، واعتقدت أن هذه الخطة ستحرك الأشياء من حالة الركود بطريقة أسرع .
فقالت " آن " : " سيكون هذا صعبا يا دكتور " تشابمان " ؛ فقد وجدت أنه من الصعب على أن أستجيب له عندما يتجاهلني طوال الوقت ، فقد كنت أشعر أثناء ممارسة العلاقة الحميمة معه أنه يستغلني بدلاً من أن أشعر بالحب ، فهو يتصرف طوال الوقت كما لو أنه لا قيمة لى إطلاقاً ، وبعد ذلك يريد أن يقفز على الفراش ويستغل جسمي ، وكنت أغضب من ذلك ، وأعتقد أن هذا هو السبب في أننا لم نمارس العلاقة الحميمة كثيراً خلال السنوات القليلة الماضية " .
وأكدت لـ " آن " قائلاً : " لقد كان رد فعلك طبيعياً وعادياً ؛ فبالنسبة لمعظم النساء ، تنشأ الرغبة في ممارسة العلاقة الحميمة مع أزواجهن من الإحساس بأنهن محبوبات من قبل أزواجهن ؛ فإذا كان لديهن هذا الإحساس ، تتولد لديهن الرغبة في ممارسة العلاقة الحميمة ، أما إذا لم يكن لديهن هذا الشعور بالحب ، فمن المرجح أنهن سيشعرن بأنه يتم استغلالهن في العلاقة الحميمة ؛ ولهذا تجد أنه إذا أحببت شخصاً ما لا يحبك يكون هذا أمراً في غاية الصعوبة ؛ حيث إنه يتضاد مع ميولنا الطبيعية ، وربما سيتعين عليك أن تعتمد على الثقة لتحمل هذا ، وربما يكون من المفيد أن تقرأ مرة أخرى بعض التعاليم الدينية عن حب الأعداء ، وحب الذين يكرهونك ، ومن يستغلونك ، ثم بعد ذلك تدعو للمساعدة على تطبيق تلك التعاليم " .
ويمكنني القول إن " آن " كانت تفهم ما أقوله ؛ فقد كان رأسها يهتز برفق كإشارة على موافقتها على ما أقول ، وكانت عيناها تخبراني بأن لديها العديد من الأسئلة . " ولكن ألا يكون هذا التعبير عن الحب زائفا يا دكتور " تشابمان " ، إذا كانت لدى الشخص ؛ مثل تلك المشاعر السلبية تجاه الطرف الآخر ؟ " .
فقلت لها : " ربما كان من المفيد لنا أن نفرق بين الحب كشعور والحب كفعل ، فإذا زعمت أن لديك أحاسيس ليست فيك ، فإن هذه الأحاسيس تكون مزيفة ، وهذا التواصل المزيف لا يبنى علاقات حميمة ، ولكن إن كنت تعبر عن شيء من الحب بهدف إفادة الطرف الآخر أو جعله يشعر بالسعادة ؛ فهذا ببساطة اختيارك ، وأنت لا تزعم بذلك أن هذا الفعل ينشأ من رابطة عاطفية أصيلة ، ولكنك تختار ببساطة أن تفعل شيئاً ما لمصلحته ، وأعتقد أن هذا لابد أن يكون المعنى المقصود من التعاليم الدينية ، وبالتأكيد لن تكون لدينا مشاعر دافئة تجاه الأشخاص الذين يكرهوننا ، فإن هذا غير اعتيادي ، ولكننا نستطيع أن نفعل بعض الأشياء الجميلة لهم ، وهذا فقط اختيار ، ونأمل فقط أن يكون لهذه الأشياء الجميلة تأثير إيجابي في سلوكياتهم ومعاملاتهم ، ولكننا على الأقل اخترنا أن نفعل شيئاً إيجابياً من أجلهم " .
وبدا أن إجابتي قد أرضت " آن " على الأقل في الوقت الحاضر ، وكان لدى شعور بأننا سنناقش هذا مرة ثانية ، وكنت أشعر أيضاً بأن التجربة ستنجح ؛ وهذا سيكون بسبب ثقة " آن " الكبيرة . وقلت لـ " آن " : " بعد انقضاء الشهر الأول ، أريد منك أن تطلبي من " جلين " تقييما لما كنت تفعلينه ، واسأليه ، باستخدام كلماتك الخاصة : " هل تتذكر يا " جلين " عندما قلت لك منذ بضعة أسابيع إننى سأحاول أن أكون زوجة أفضل ؟ أريد أن أسألك عن رأيك فيما أفعله " .
ومهما يكن ما سيقوله " جلين " ، تقبليه كمعلومة ، وربما يكون ساخراً ، أو وقحاً ، أو عدوانياً ، وربما يكون إيجابياً ، وأياً ما كان رده ، فلا تجادليه ، واقبليه منه ، وأكدى له أنك تأخذين هذا الأمر على محمل الجد ، وأنك تريدين حقاً أن تكوني زوجة أفضل ، وأنه إذا كانت لديه مقترحات إضافية فإنك مستعدة لسماعها .
اتبعي هذا الأسلوب في سؤاله عن تقييمه مرة واحدة شهرياً طوال الأشهر الستة ، وعندما يعطيك " جلين " تقييمه الإيجابي الأول ، ويقول : " أتعرفين ، على أ أعترف بأنه عندما أخبرتني لأول مرة بأنك ترغبين أن تكوني زوجة أفضل ، سخرت من ذلك بشدة ، ولكنني يتوجب على أن أعترف بأن الأمور مختلفة الآن " ؛ ففي هذا الوقت ستعرفين أن جهودك ستصل إليه من الناحية العاطفية ، وربما يعطيك تقييمه الإيجابي بعد الشهر الأول ، وربما بعد الشهر الثاني أو الثالث ، وبعد أن تتلقى التقييم الإيجابي الأول من " جلين " ، أريد منك أن تطلبي شيئا منه ، شيئا ما تريدينه أن يفعله ، شيئاً ما يتفق مع لغتك الأساسية للحب يمكنك مثلاً أن تقولي له في مساء يوم ما : " هل تعرف شيئا ما أريد أن أفعله يا " جلين " ؟ هل تذكر كيف كنا معتادين أن نلعب لعبة الخربشة معاً ؟ أود أن ألعب معك لعبة الخربشة ليلة الثلاثاء ، وسيقضى الأطفال ليلتهم عند " ماری " ، هل تعتقد أن هذا ممكن ؟ " .
واجعلي طلبك محددا ، وليس عاماً ، ولا تقولي : " أنت تعرف ، أتمنى أن نقضي وقتاً أكثر معاً " ، فهذا غامض جداً ، كيف يمكنك أن تعرفي عندما يستجيب لذلك ؟ أما إذا كان طلبك محدداً ، سيعرف بالضبط ما تريدينه ، وستعرفين عندما يفعل ذلك ، أنه أختار أن يفعل شيئا ما من أجلك .
لغتك اطلبي منه طلبا محددا كل شهر ، وإذا فعله ، فهذا حسن ، وإذا لم يفعل ، فهذا حسن ، ولكن عندما يفعل ذلك ، فإنك ستعرفين أنه يستجيب لاحتياجاتك ، وفي غضون ذلك ، فإنك تعلميه لغتك الأساسية للحب ؛ لأن ما تطلبينه يتوافق مع الأساسية للحب ، وإذا اختار أن يتحدث بلغتك الأساسية للحب ، فإن مشاعرك الإيجابية تجاهه ستبدأ في الظهور ، ويبدأ خزانك العاطفي في الامتلاء ، وفي وقت ما ستبعث الحياة في زواجكما من جديد " .
قالـت " آن " : " سأفعـل أي شـيء يـا دكـتـور " تشابمـان " إذا كان هـذا ممكن الحدوث "
فأجبتها قائلاً : " حسناً ، سيتطلب منك ذلك عملاً شاقاً ، ولكن الأمر يستحق هذا ، وأنا شخصياً مهتم بإنجاح هذه التجربة إذا كان افتراضنا صحيحاً ، وأود أن ألتقى بك بشكل دوري خلال هذه التجربة ربما كل أسبوعين كما أود أن تكتبي كل كلمات التشجيع الإيجابية التي ستقولينها لـ " جلين " كل أسبوع ، وأود أيضاً أن تحضري لي أيضا قائمة بالأشياء التي تشتكين منها ، والتي قمت بكتابتها ولم تخبری " جلین " بها ؛ فربما أستطيع من خلال تلك الشكاوى التي تشعرين بها أن أساعدك في أن تطلبي من " جلين " طلبات محددة يمكن أن تساعد في إزالة بعض تلك الإحباطات ، وفي النهاية ، أريدك أن تتعلمي كيف تشتركي أنت و " جلين " في هذه الإحباطات والمضايقات بطريقة بناءة ، كما أريد منكما أن تتعلما كيف تتجاوزان هذه المضايقات والصراعات ، ولكن خلال هذه الأشهر الستة ، أريدك أن تكتبي كل هذه الأشياء دون أن يعلم " جلين " بها .
وغادرت " آن " ، وكنت معتقداً أنها حصلت على إجابة لسؤالها : " هل من الممكن أن يحب الشخص من يكرهه ؟ " .
وخلال الأشهر الستة التالية ، رأت " آن " تغيراً هائلاً في سلوك " جلين " وتعامله معها ، وكان " جلين " خلال الشهر الأول متطاولا ، ويتعامل مع الأمر برمته باستخفاف ، ولكن بعد الشهر الثاني ، أعطاه تقييمه الإيجابي لجهودها ، وخلال الأشهر الأربعة الباقية ، استجاب بإيجابية لمعظم طلباتها تقريباً ، وبدأت مشاعرها تجاهه تتغير بشكل جذري ، ولم يأت " جلين " للاستشارة مطلقا ، ولكنه استمع لبعض أشرطتي وناقشها مع " آن " ، وكان يشجع " أن " على أن تستمر في المجيء للاستشارة ، وقد فعلت ما شجعها عليه ، وظلت تأتيني للاستشارة لمدة ثلاثة أشهر بعد انتهاء التجربة ، وحتى الآن ، يقسم " جلين " لأصدقائه إننى أصنع المعجزات ، ولكن الحقيقة هي أن الحب يصنع المعجزات .
ربما تحتاج لمعجزة في حياتك الزوجية ، فلم لا تحاول القيام بتجربة " آن " ؟ أخبر شريكك في الحياة بأنك كنت تفكر في حياتكما الزوجية ، وأنك قررت أن تلبي احتياجاته على أكمل وجه ، واطلب منه تقديم مقترحاته بشأن تطوير نفسك في هذا ، وستكون مقترحاته المفتاح لمعرفة لغته الأساسية للحب ، وإذا لم يقدم لك أي مقترحات ، خمّن لغته الأساسية للحب من خلال الأشياء التي كان يشكو منها عبر سنوات زواجكما ، وبعد ذلك ولمدة ستة أشهر . ركز اهتمامك على لغته للحب ، وفي نهاية كل شهر ، اطلب من شريك في الحياة عن تقييمه كيفية أدائك ، واطلب منه مقترحات أخرى .
وعندما يخبرك شريكك في الحياة أنه يرى تحسناً ، انتظر أسبوعاً ، ثم اطلب منه طلباً محدداً ، وينبغي أن يكون هذا الطلب شيئاً تريد منه أن يفعله من أجلك ، وإذا اختار أن يفعله ، ستعرف حينئذ أنه يستجيب لاحتياجاتك ، وإذا لم يقدر طلبك ، فلا تتوقف عن حبه ، فربما يستجيب لك الشهر التالي بإيجابية ، وعندما يبدأ شريكك في الحياة في التحدث بلغتك للحب عن طريق الاستجابة لمطالبك ، ستعود مشاعرك الإيجابية تجاهه ، وفي وقت ما ستنبعث الحياة في زواجكما من جديد ، إنني لا أضمن النتائج ، ولكن العشرات من الأشخاص الذين جاءوا للاستشارة لدى قد مروا بمعجزة الحب .
من كتاب لغات الحب الخمسة