كيف تصبح متفائلاً
لطالما كنت إنساناً مـتـشـائـمـاً نـوعـاً مـا ، أتوقع الأسوأ عموماً ، ولا أكون واثقاً عندما يحصل أمر جيد . لكن في بداية العشرينات من عمري قابلت شخصين غيرا مجری حياتي ، وكلاهما كان متفائلاً . هذان الشخصان كانا من أصحاب النظرة الوردية ، اللذين يريان الأمل وبشائر النجاح في كل موقف ، وبدا أنهما يشعران بالسعادة بشكل عام .
وبالنظر إلى طبيعتي السلبيـة رأيت على الـفـور عـيـوب هذا النهج في الحياة : سيصابان بخيبات الأمل وسيتألمان مراراً وتكراراً ، وسيغفلان عن ملاحظة أخطائهما الشخصية .
لكن مع مرور الوقت ، زاد احترامي لهما وشعوري بالغبطة إزاء نهجهما المشرق والإيجابي في الحياة . تمنيت أن أكون هكذا ، لكنني لم أكن أعرف سبيلاً إلى ذلك استغرق هذا الأمر الكثير من العمل وتطلب يقظة دائمة إلى درجة كبيرة . كنت سرعان ما أجد العيب في أمر مني .
ثم كان علي بعدها البحث عن الجوانب الجيدة للموقف لإبطال سلبيتي تجاهه ، كنت غالباً أسأل نفسي كيف من الممكن أن يتصرفا في هكذا موقف ؛ كيف من الممكن لهما أن يصنعا الليمونادا من الليمون الفـاسـد ! كان هذا كل ما استطعت رؤيته.
في بعض الأحيان بدا هذا خطأ وأن إيجاد الجـيـد فـي مـوقف مـا -بينما كل ما أراه هو الجانب المظلم والسلبي له- هو إيجـابـيـة سـاذجـة ، لكن مع مرور الوقت لاحظت أن رؤية الجيد والسيء في موقف ما أصبح كطبيعة ثانية ، وفوجئت كم حررني الأمر . لقد فوجئت أيضاً كم كان من الضروري أن أكون قادراً على رؤية كل من خـصـالـي الجـيـدة والسيئة ؛ كـم كـان من المهم بالنسبة لي أن أكون قادراً على إدراك أن هناك أشيـاء أجيدها بدلاً من أن أنسبها إلى « مجرد حظ » أو أمر « يمكن لأي شخص القيام به » . وحتى الآن وبينما أقوم بكتابة هذه الكلمات ، فإنها تسبب لي شيئاً من القلق ، أي أن أقـول إنني جيد في أمر يسبب لي رهبة وخوفاً من أن أخيب آمال نفسي أو الآخـريـن ، ولكنه في الوقت ذاته يمدني بشـعـور غريب من البهجة . أدركت أيضاً أن الآخرين بحاجة سماع تقييمات أداء إيجابية ، وأدركت أهمية موازنة الجيد والسيء عند تقديم تقييمات أداء للطلاب ، وعند مساعدة شخص ما يمر بوقت عصيب ، أو عند مـحـاولـة فـهـم سبب حدوث الأشياء السيئة في الحياة.
أرجو ألا يساء فهمي فأنا ما زلت في بعض الأحيان أنحدر إلى التشاؤم وأجد صعوبة في إيجاد مخرج . لم أغير « جـانبي المظلم » بالكامل ، وما زال يطل برأسـه الـقـبـيـح أحياناً . لكن في معظم الأحيان ، أستطيع أن أرى الأمل في المواقف الصعبة ، وفي حال فشل كل الأمور الأخرى ، أجد العزاء لنفسي بفكرة أن الأمور تُحل عادة في النهاية حتى وإن لم تكن على النحـو الـذي خططت له . لكن الشيء الأكثر إثارة للدهشة هو بالرغم من تشبثي بالسلبية من أجل حياتي الغالية معتقداً أنها توفر لي الحماية ، وجدت أني بحاجة إلى حماية أقل مما كنت أعتقد ، وأن التفاؤل بطريقة ما « يلائمني » بشكل أفضل من السلبية.
إذا كيف يصبح المرء متفائلاً ؟ دائماً ما نقول إن كلباً مسناً لا يمكنه أن يتعلم ألاعيب جديدة ، لكن من الواضح أن هذا القول قد صاغه شخص متشائم!
- لاحظ سلبيتك : أصغ لما تقوله وما مقدار سلبيته . تتبع أفكارك بشكل يومي وانتبه للافتراضات والاستنتاجات السلبية التي ترسمها ، إذ إن تحديد سلبيتك هو أمـر جوهري للتغيير .
- عندما تجد نفسك تـتـفـوه بشيء سلبي ، فكر في قول شيء ما إيجابي حتى وإن « لم يبد لك الأمر حقيقياً » في الوقت الحالي . إن كنت معتاداً على السلبية فإن رؤية الجانب المشـرق سـتـبـدو أمـراً زائـفـا ومـفـرطاً في الـتـفـاؤل في البداية ، ولا بأس بهذا ، فلا يمكنك أن تتوقع التغيير بين عشية وضحاها.
- إن حددت فكرة سلبـيـة اكـتـبـهـا ، وارسـم عـمـوداً إلى جانبها ؛ دون فـيـه الأدلة التي تدعم تلك الفكرة ، ثم ارسم عموداً آخر للأدلة التي تعارضها . ستصبح بارعاً في تحديد الدليل الذي يدعم الفكرة السلبية والصراع معه لمقاومة الفكرة السلبية ، والممارسة كفيلة بأن تجعل المهمة أيسر.
- ابحث عن الجوانب الإيجابية في المواقف ، على سبيل المثال : لقد خسر فريقك في السوبر باول « نهائي دوري كـرة الـقـدم الأمـريـكيـة » هذه السنة ، لكن على الأقل شاهدت اللعبة برفقة أصدقائك وتناولت بعض الطعام اللذيذ.
لقـد خـسـرت عـملـك لكن هذا منحك فرصة العثور على عمل أفضل ، وما كنت لتنتهز هذه الفرصة لولا ذلك . معظم المواقف يمكن رؤيتـهـا من وجهة نظر إيجابية ومن وجهة نظر سلبية ، عليك فقط أن تجد وجهة النظر الإيجابية وتستمر بتذكير نفسك بها لكي تصدقها في النهاية. - فكر في شخص ما تعرفه يمتلك نظرة إيجابية للحياة واسأل نفسك ما الذي قد يفعله هذا الشخص أو يفكر به في مواقف معينة ، ثم حاول بعدها أن تفكر بذات الطريقة أيضاً . إنها طريقة استخدام تفاؤل الآخرين من أجل تبنيها وجعلها جزءاً منك.
- إعطاء الآخـريـن تـقـيـيـم أداء إيجـابـي فـحـتى إذا أدى أحدهم أمراً بطريقة رديئة فلا بد من وجود جانب ما جيد به ، وإن تمكنت من إيجاده ، سوف تكون نظرتك للناتج أكـثـر إيجـابـيـة وقـد يـتـشـجع الشخص الآخـر للاستمرار.
- امنح نفسك تقـيـيـمـات أداء إيجابية وانتبه عندما تبخسها قيمتها بقولك : « بإمكان أي شخص فعل ذلك » أو « حـقـاً لم يكن الأمـر مميزاً » ، أو « لأني كنت محظوظاً فقط أو لأني عملت بجد » . كل ما سبق هو الأعذار التي تستخدمها لإلغاء تقييم الأداء الإيجابي ، ويعود سببها إلى أن المتشائمين عادة ما يشعرون بعدم الارتياح مع الأشياء الجيدة وغالباً ما يخشون التسبب بخـيـبـة أمل للآخـريـن مـن خـلال الاعـتـراف بنـقـاط قوتهم ؛ لذا تعامل مع القلق وقل شكراً إن قيم أحدهم ( بمن فيهم أنت ) أداءك تقييماً إيجابياً.
- حدد الغرض من التشاؤم : هل يؤمن لك الحماية من خيبات الأمل ؟ أم يساعدك على عدم التعرض للألم ؟ هل تعـتـقـد أنه يسـاعـدك على التخطيط للتـحـديات المحتملة ؟ كثيراً ما نعتقد أن التشاؤم والقلق مفيدان ، لكن هذا ليس صحيحاً ، وسنتعامل مع خيبة الأمل والألم والـتـحـديات بشكل أفضل إن لم نتعثر بسبب القلق والسلبية . قم ببعض التجارب لمعرفة ما إذا كانت السلبية حقاً تؤدي الغرض المقصود منها بالفعل!
من كتاب ٤٤ مذهل
بقلم : د . بريزورسكي